وَخَبَرُ هَذَا الْقَدْر مِنْ الْعَدَدِ لَا يُوجِبُ الْعِلْمَ وَلَا تَثْبُتُ بِهِ مُعْجِزَةٌ وَخَبَرُ الْجَمِّ الْغَفِيرِ وَالْجُمْهُورِ الْكَثِيرِ مِنْهُمْ غَيْرُ مَقْبُولٍ عِنْدَهُمْ لِجَوَازِ اجْتِمَاعِهِمْ عِنْدَهُمْ عَلَى الْكَذِبِ فَصَارَ صِحَّةُ النَّقْلِ مَقْصُورَةً عَلَى الْعَدَدِ الْيَسِيرِ فَلَزِمَهُمْ دَفْعُ مُعْجِزَاتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِبْطَالِ نُبُوَّتِهِ فَإِنْ قِيلَ أَمْرُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَرَفْعُ الْيَدَيْنِ فِي تَكْبِيرِ الرُّكُوعِ وَتَكْبِيرَاتِ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ مِمَّا عَمَّتْ الْبَلْوَى بِهِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيهِ فَكُلُّ مَنْ يَرْوِي عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ شَيْئًا فَإِنَّمَا يَرْوِيهِ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ فَلَا يَخْلُو حِينَئِذٍ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَكُنْ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفٌ لِلْكَافَّةِ مَعَ عُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَفِي هَذَا مَا يُبْطِلُ أَصْلَكَ الَّذِي بَنَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ أَنَّ كُلَّ مَا بِالنَّاسِ إلَيْهِ حَاجَةٌ عَامَّةٌ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفُ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ أَوْ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفٌ لِلْكَافَّةِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ فَلَمْ تَنْقُلْهُ حِينَ وَرَدَ إلَيْنَا مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَفِي ذَلِكَ هَدْمُ قَاعِدَتِكَ أَيْضًا فِي اعْتِبَارِ نَقْلِ الْكَافَّةِ فِيمَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلْوَى قِيلَ لَهُ هَذَا سُؤَالٌ مَنْ لَمْ يَضْبِطْ الْأَصْلَ الَّذِي بَنَيْنَا عَلَيْهِ الْكَلَامَ فِي الْمَسْأَلَة وَذَلِكَ أَنَّا قُلْنَا ذَلِكَ فِيمَا يَلْزَمُ الْكَافَّةَ وَيَكُونُونَ مُتَعَبَّدِينَ فِيهِ بِفَرْضٍ لَا يَجُوزُ لَهُمْ تَرْكُهُ وَلَا مُخَالَفَتُهُ وَذَلِكَ مِثْلُ الإمامة والفروض التي تلزم العامة وأما مَا لَيْسَ بِفَرْضٍ فَهُمْ مُخَيَّرُونَ فِي أَنْ يَفْعَلُوا مَا شَاءُوا مِنْهُ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيهِ فِي الْأَفْضَلِ مِنْهُ وَلَيْسَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوْقِيفُهُمْ عَلَى الْأَفْضَلِ مِمَّا خَيَّرَهُمْ فِيهِ وَهَذَا سَبِيلُ مَا ذَكَرْتَ مِنْ أَمْرِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَتَكْبِيرِ الْعِيدَيْنِ وَالتَّشْرِيقِ وَنَحْوِهَا مِنْ الْأُمُورِ الَّتِي نَحْنُ مُخَيَّرُونَ فِيهَا وَإِنَّمَا الْخِلَافُ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي الْأَفْضَلِ مِنْهَا فَلِذَلِكَ جَازَ وُرُودُ بَعْضِ الْأَخْبَارِ فِيهِ مِنْ طَرِيقِ الْآحَادِ وَيُحْمَلُ الْأَمْرُ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ كَانَ منه جميع ذلك تعليما منه على وَجْهَ التَّخْيِيرِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ مَا قَدْ وُقِفُوا عَلَيْهِ وَحُظِّرَ عَلَيْهِمْ مُجَاوَزَتُهُ وَتَرْكُهُ إلَى غيره مع بَلْوَاهُمْ بِهِ فَاَلَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْخَبَرِ عَنْ رُؤْيَةِ الْهِلَالِ إذَا لَمْ تَكُنْ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ مِنْ الْأَصْلِ الَّذِي قَدَّمَنَا أَنَّ مَا عَمَّتْ بِهِ الْبَلَوِيّ فَسَبِيلُ وُرُودِهِ أَخْبَارُ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبَةِ لِلْعِلْمِ وَأَمَّا إذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَإِنَّ مِثْلَهُ يَجُوزُ خَفَاؤُهُ عَلَى الْجَمَاعَةِ حَتَّى لَا يَرَاهُ مِنْهُمْ إلَّا الْوَاحِدُ وَالِاثْنَانِ مِنْ خَلَلِ السَّحَابِ إذَا انْجَابَ عَنْهُ لَمْ يَسْتُرْهُ قَبْلَ أَنْ
يَتَبَيَّنَهُ الْآخَرُونَ فَلِذَلِكَ قُبِلَ فِيهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَلَمْ يُشْتَرَطْ فِيهِ مَا يُوجِبُ الْعِلْمَ وَإِنَّمَا قَبِلَ أَصْحَابُنَا خَبَرَ الْوَاحِدِ فِي هِلَالِ رَمَضَانَ لِمَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute