لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ]
فَأَبَاحَ الْأَكْلَ إلَى أَنْ يَتَبَيَّنَ وَالتَّبَيُّنُ إنَّمَا هُوَ حُصُولُ الْعِلْمِ الْحَقِيقِيِّ وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا أُمِرُوا بِهِ فِي حَالٍ يُمْكِنُهُمْ فِيهَا الْوُصُولُ إلَى الْعِلْمِ الْحَقِيقِيِّ بِطُلُوعِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَتْ لَيْلَةً مُقْمِرَةً أَوْ لَيْلَةَ غَيْمٍ أَوْ فِي مَوْضِعٍ لَا يُشَاهِدُ مَطْلِعَ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ مَأْمُورٌ بِالِاحْتِيَاطِ لِلصَّوْمِ إذْ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الْعِلْمِ بِحَالِ الطُّلُوعِ فَالْوَاجِبُ عَلَيْهِ الْإِمْسَاكُ اسْتِبْرَاءً لِدِينِهِ لِمَا
حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ السَّلُولِيُّ قَالَ سَمِعْتَ أَبَا الْجَوْزَاءِ السَّعْدِيَّ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مَا تَذْكُرُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَانَ يَقُولُ (دَعْ مَا يَرِيبُكَ إلَى مَا لَا يَرِيبُكَ فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ وَالْكَذِبَ رِيبَةٌ)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ حَدَّثَنَا ابْنُ عَوْنٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنِ بَشِيرٍ وَلَا أَسْمَعُ أَحَدًا بَعْدَهُ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ (إنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ وَسَأَضْرِبُ فِي ذَلِكَ مَثَلًا إنَّ اللَّهَ حَمَى حِمًى وَإِنَّ حِمَى الله ما حرم وأنه من يرع حَوَلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يُخَالِطَهُ وَإِنَّهُ مَنْ يُخَالِطُ الرِّيبَةَ يُوشِكُ أَنْ يَجْسُرَ)
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو داود قال حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى الرَّازِيّ قَالَ أَخْبَرَنَا عِيسَى قَالَ حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا عَنْ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النُّعْمَانَ بْنَ بَشِيرٍ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ (وَبَيْنَهُمَا أُمُورٌ مُتَشَابِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ فَمَنْ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ عِرْضَهُ وَدِينَهُ وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ وَقَعَ فِي الْحَرَامِ)
فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ تَمْنَعُ مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْمَشْكُوكِ فِيهِ أَنَّهُ مِنْ الْمُبَاحِ أَوْ الْمَحْظُورِ فوجب استعمالهما فَمَنْ شَكَّ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَى تَبَيُّنِ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي أَوَّلِ مَا يَطْلُعُ حَتَّى يَكُونَ مُسْتَبْرِئًا لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ مُجْتَنِبًا لِلرِّيبَةِ غَيْرَ مُوَاقِعٍ لِحِمَى اللَّهِ تَعَالَى فَاسْتَعْمَلْنَا قَوْلَهُ [حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ] فِيمَنْ يُمْكِنُهُ مَعْرِفَةُ طُلُوعِهِ فِي أَوَّلِ أَحْوَالِهِ فَهَذَا مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا وَحِجَاجُهُ فِيمَا ذَكَرْنَا وَقَالَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ أَكْرَهُ أَنْ يَأْكُلَ إذَا شَكَّ فِي الْفَجْرِ وَإِنْ أَكَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَقَالَ الثَّوْرِيُّ يَتَسَحَّرُ الرَّجُلُ مَا شَكَّ حَتَّى يَرَى الْفَجْرَ وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ إنْ أَكَلَ شَاكًّا فِي الْفَجْرِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ يَأْكُلُ شَاكًّا مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارٍ مِنْهُ بِحَالِ إمْكَانِ التَّبَيُّنِ فِي حَالِ طُلُوعِهِ أَوْ تَعَذُّرِ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَذَلِكَ إغْفَالٌ مِنْهُ لِأَنَّ ضَرِيرًا لَوْ كَانَ فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ بِحَضْرَتِهِ مَنْ يُعَرِّفُهُ طُلُوعَ الْفَجْرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْإِقْدَامُ عَلَى الْأَكْلِ بِالشَّكِّ وَهُوَ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَصْبَحَ وَكَذَلِكَ مَنْ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute