نَقَضْتَ ذَلِكَ بِإِطْلَاقِكَ لِلْمَرْأَةِ الْإِحْلَالِ إذَا مَنَعَهَا زَوْجُهَا وَلَيْسَتْ بِخَائِفَةٍ وَكَذَلِكَ الْمَحْبُوسُ لَا يَخَافُ الْقَتْلَ وَقَالَ الْمُزَنِيّ جَعَلَ الْإِحْلَالَ رُخْصَةً لِلْخَائِفِ من العدو ولا يشبه به غير غَيْرُهُ كَمَا جَعَلَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ خَاصًّا لَا يُشَبَّهُ بِهِ الْقُفَّازَيْنِ فَيُقَالُ لَهُ إنْ كَانَ الْمَعْنَى فِيهِ أَنَّهُ رُخْصَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُقَاسَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الرُّخَصِ فَإِذَا رَخَّصَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الِاسْتِنْجَاءَ بِالْأَحْجَارِ وَجَبَ أَنْ لَا يُشَبَّهَ بِهِ غَيْرُهُ فِي جَوَازِ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْخِرَقِ وَالْخَشَبِ وَلَمَّا كَانَ حَلْقُ الرَّأْسِ مِنْ أَذَى رُخْصَةً وَجَبَ أَنْ لَا يُشَبَّهَ بِهِ الْأَذَى فِي الْبَدَنِ فِي إبَاحَةِ الْحَلْقِ وَالْفِدْيَةِ وَيَلْزَمُهُ أَنْ لَا يُشَبَّهَ بِالْخَائِفِ الْمَحْبُوسُ وَالْمَرْأَةُ إذَا مَنَعَهَا زَوْجُهَا وَجَمِيعُ ما ذكرنا ينقض اعتلاله.
(فَصْلٌ) قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَالْإِحْصَارُ مِنْ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ سَوَاءٌ وَحُكِيَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ أَنَّ الْإِحْصَارَ يَكُونُ مِنْ الْحَجِّ دُونَ الْعُمْرَةِ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ الْعُمْرَةَ غَيْرُ مُوَقَّتَةٍ وَأَنَّهُ لَا يُخْشَى الْفَوَاتُ
وَقَدْ تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَارُ بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ مُحْرِمًا بِالْعُمْرَةِ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ وَأَنَّهُ أَحَلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ بِغَيْرِ طَوَافٍ ثُمَّ قَضَاهَا فِي الْعَامِ الْقَابِلِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ وَسُمِّيَتْ عُمْرَةَ الْقَضَاءِ
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى [وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ- ثُمَّ قَالَ- فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] وَذَلِكَ حُكْمٌ عَائِدٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا وَغَيْرُ جَائِزٍ الِاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَخْصِيصِ حُكْمِ اللَّفْظِ بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وقَوْله تعالى [فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ] قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي ذَلِكَ فَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ أَنَّهُمَا قَالَا لَا يَكُونُ الْهَدْيُ إلَّا مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ شَاةٌ وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِيهِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ الْهَدْيُ مِنْ الْأَصْنَافِ الثَّلَاثَةِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ شُبْرُمَةَ قَالَ ابْنُ شُبْرُمَةَ وَالْبُدْنَ مِنْ الْإِبِلِ خَاصَّةً وَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيُّ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَاخْتَلَفُوا فِي السِّنِّ فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَالشَّافِعِيُّ لَا يجز فِي الْهَدْيِ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ إلَّا الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا إلَّا الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ فَإِنَّهُ يُجْزِي وَقَالَ مَالِكٌ لَا يُجْزِي مِنْ الْهَدْيِ إلَّا الثَّنِيُّ فَصَاعِدًا وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ يُهْدِي الذُّكُورَ مِنْ الْإِبِلِ وَيَجُوزُ الْجَذَعُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَيُجْزِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ سَبْعَةٍ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْهَدْيُ اسْمٌ لِمَا يُهْدَى إلَى الْبَيْتِ عَلَى وَجْهِ التَّقَرُّبِ بِهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَجَائِزٌ أَنْ يُسَمَّى بِهِ مَا يُقْصَدُ بِهِ الصَّدَقَةُ وَإِنْ لَمْ يُهْدَ إلَى الْبَيْتِ
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْمُبَكِّرُ إلَى الْجُمُعَةِ كَالْمُهْدِي بَدَنَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَقَرَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي شَاةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي دَجَاجَةً ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ كَالْمُهْدِي بَيْضَةً)
فَسَمَّى الدَّجَاجَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute