لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلْقُ قَبْلَ بُلُوغِ الْهَدْيِ مَحِلَّهُ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَحَلَقَ فَعَلَيْهِ الْفِدْيَةُ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُحْصَرٍ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْمُحْصَرِ الَّذِي لَمْ يَبْلُغْ هَدْيَهُ مَحَلَّهُ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْمُحْصَرِينَ وَغَيْرِ الْمُحْصَرِينَ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَجُوزُ لَهُ الْحَلْقُ فِي الْإِحْرَامِ إلَّا عَلَى الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ وقوله تعالى [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً] عَنَى الْمَرَضَ الَّذِي يُحْتَاجُ فِيهِ إلَى لُبْسٍ أَوْ شَيْءٍ يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ فَيَفْعَلُ ذَلِكَ لِدَفْعِ الْأَذَى وَيَفْتَدِي وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ [أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ] إنَّمَا هُوَ عَلَى أَذًى يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى اسْتِعْمَالِ بَعْضَ مَا يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ مِنْ حَلْقٍ أَوْ تَغْطِيَةٍ فَأَمَّا إنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى فِي رَأْسِهِ لَا يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى حَلْقٍ وَلَا إلَى اسْتِعْمَال بَعْضِ مَا يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ فَهُوَ فِي هَذِهِ الْحَالُ بِمَنْزِلَةِ الصَّحِيحَ فِي حَظْرِ مَا يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ
وَقَدْ رُوِيَ فِي أَخْبَارٍ مُتَظَاهِرَةٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِهِ فِي عَامِ الْحُدَيْبِيَةٍ وَالْقَمْلُ تَتَنَاثَرُ عَلَى وَجْهِهِ فَقَالَ أَتُؤْذِيكَ هَوَامُّ رَأْسِكَ فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَمَرَهُ بِالْفِدْيَةِ
فَكَانَ كَثْرَةُ الْقَمْلِ مِنْ الْأَذَى الْمُرَادُ بِالْآيَةِ وَلَوْ كَانَ بِهِ قُرُوحُ فِي رَأْسِهِ أَوْ خُرَّاجٌ فَاحْتَاجَ إلَى شَدِّهِ أَوْ تَغْطِيَتِهِ كَانَ ذَلِكَ حُكْمُهُ فِي جَوَازِ الْفِدْيَةِ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَمْرَاضِ الَّتِي تُصِيبُهُ وَيَحْتَاجُ إلَى لُبْسِ الثِّيَابِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَبِيحَ ذَلِكَ وَيَفْتَدِيَ لِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يُخَصِّصْ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ عَامٌّ فِي الْكُلِّ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ [فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ] مَعْنَاهُ فَحَلَقَ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ قِيلَ لَهُ الْحَلْقُ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَإِنْ كَانَ مُرَادًا وَكَذَلِكَ اللُّبْسُ وَتَغْطِيَةُ الرَّأْسِ كُلُّ ذَلِكَ غَيْرُ مَذْكُورٍ وَهُوَ مُرَادٌ لِأَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ اسْتِبَاحَةُ مَا يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ لِلْعُذْرِ وَكَذَلِكَ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَرِيضًا وَكَانَ بِهِ أَذًى فِي بَدَنِهِ يَحْتَاجُ فِيهِ إلَى حَلْقِ الشَّعْرِ كَانَ فِي حُكْمِ الرَّأْسِ فِي بَابِ الْفِدْيَةِ إذْ كَانَ الْمَعْنَى مَعْقُولًا فِي الْجَمِيعِ وَهُوَ اسْتِبَاحَةُ مَا يَحْظُرُهُ الْإِحْرَامُ فِي حَالِ الْعُذْرِ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى [فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ] فَإِنَّهُ
قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامِ فِي حَدِيثِ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ
وَهُوَ قَوْلُ جَمَاعَةِ السَّلَفِ وَفُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ إلَّا شَيْءٌ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ وَعِكْرِمَةَ أَنَّ الصِّيَامَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ كَصِيَامِ الْمُتْعَةِ وَأَمَّا الصَّدَقَةُ فَإِنَّهُ رُوِيَ فِي مِقْدَارِهَا عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رِوَايَاتٌ مُخْتَلِفَةُ الظَّاهِرِ فَمِنْهَا ما
حدثنا عبد الباقي ابن قَانِعِ قَالَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلٍ بْنِ أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنَ بْنُ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُغَفَّلً أَنَّ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ خَرَجَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمًا فَقَمِلَ رَأْسُهُ وَلِحْيَتُهُ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَعَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute