وَهَدْيٌ أَنَّ هَذَا الْمُحْصَرَ إنْ اعْتَمَرَ بَعْدَ إحلاله مِنْ الْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَرَجَعَ إلَى أَهْلِهِ ثُمَّ عَادَ فَحَجَّ مِنْ عَامِهِ فَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَاحِدٌ وَهُوَ هَدْيُ الْإِحْصَارِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ فَعَلَهُمَا فِي سَفَرَيْنِ أَوْ هَدَيَانِ وَسَفَرٍ يَعْنِي إذَا لَمْ يَرْجِعْ بَعْدَ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الحج إلى أهله فعليه هدى التمتع والهدى الأول للإحصار فلذلك هَدْيَانِ وَسَفَرٍ وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فِيمَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كان يقول بجمع الْآيَةِ الْمُحْصَرُ وَالْمُخَلَّى سَبِيلُهُ يَعْنِي قَوْلَهُ [فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ] قَالَ عَطَاءٌ وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ مُتْعَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ اعْتَمَرَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَلَمْ تُسَمَّ مُتْعَةً مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ يَحِلُّ أَنْ يَتَمَتَّعَ إلَى النِّسَاءِ فَكَأَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْآيَةَ قَدْ انْتَظَمَتْ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْمُحْصَرِينَ إذَا أَرَادُوا قَضَاءَ الْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ الَّتِي لَزِمَتْ بِالْفَوَاتِ وَمِنْ غَيْرِ الْمُحْصَرِينَ مِمَّنْ أَرَادَ التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَكَانَ عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ مَعْطُوفًا عَلَى الْمُحْصَرِينَ فَحُكْمُهُ أَنْ يَكُونُوا هُمْ الْمُرَادَيْنِ بِهِ فَيُفِيدُ إيجَابَ عُمْرَةٍ بِالْفَوَاتِ وَيُفِيدُ الْحُكْمَ بِأَنَّهُ إذَا جَمَعَهُمَا مَعَ قَضَاءِ الْحَجِّ الْفَائِتِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَإِنْ فَعَلَهُمَا فِي سَفَرَيْنِ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ مَذْهَبُ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي ذَلِكَ مُخَالِفًا لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ إلَّا أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ الْآيَةُ عَامَّةٌ فِي الْمُحْصَرِينَ وَغَيْرِهِمْ وَهِيَ مُقَيَّدَةٌ فِي الْمُحْصَرِينَ بِمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَمُقَيَّدَةٌ فِي غَيْرِ الْمُحْصَرِينَ فِي جَوَازِ التَّمَتُّعِ لَهُمْ وَبَيَانُ حُكْمِهِمْ إذَا تَمَتَّعُوا وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ الْآيَةُ فِي فَحْوَاهَا خَاصَّةٌ فِي المحضرين وَإِنْ كَانَ غَيْرُ الْمُحْصَرِينَ إذَا تَمَتَّعُوا كَانُوا بِمَنْزِلَتِهِمْ وَالْقَارِنُ وَاَلَّذِي يَعْتَمِرُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَيَحُجُّ مِنْ عَامِهِ فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ مُتَمَتِّعَانِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا الِارْتِفَاقُ بِالْجَمْعِ بَيْنَهُمَا فِي سَفَرٍ وَاحِدٍ وَالْآخَرُ حُصُولُ فَضِيلَةِ الْجَمْعِ فَيَدُلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِي سَفَرٍ أَوْ تَفْرِيقُهُمَا بِأَنْ يَفْعَلَ الْعُمْرَةَ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ الْمُتْعَةِ رِوَايَاتٌ ظَاهِرُهَا يَقْتَضِي الِاخْتِلَافُ فِي إبَاحَتِهَا وَإِذَا حَصَلَتْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الْأَفْضَلِ لَا فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ فَمِمَّنْ رُوِيَ عَنْهُ النَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَأَبُو ذَرٍّ وَالضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ الواسطي قال حدثنا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْيَمَانِ الْمُؤَدِّبِ قَالَ حدثنا أبو عبيد قال حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ مُحَمَّد بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَالضَّحَّاكَ بن قيس عام حج معاوية وهما يتذكران التَّمَتُّعَ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَقَالَ الضَّحَّاكُ لَا بصنع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute