إلَى آخِرِ الْوَقْتِ إذَا رَجَا وُجُودَ الْمَاءِ وَقَوْلُ عَلِيٍّ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ يَدُلَّ عَلَى جَوَازِ صَوْمِهِنَّ فِي الْعَشْرِ حَلَالًا أَوْ حَرَامًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَأَصْحَابُنَا يُجِيزُونَ صَوْمَهُنَّ بَعْدَ إحْرَامِهِ بِالْعُمْرَةِ وَلَا يُجِيزُونَهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ هُوَ سَبَبُ التَّمَتُّعِ قَالَ اللَّهُ [فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ] فَمَتَى وُجِدَ السَّبَبُ جَازَ تَقْدِيمُهُ عَلَى وَقْتِ الْوُجُوبِ كَتَعْجِيلِ الزَّكَاةِ لِوُجُودِ النِّصَابِ وَتَعْجِيلِ كَفَّارَةِ الْقَتْلِ لِوُجُودِ الْجِرَاحَةِ وَيَدُلُّ عَلَى جَوَازِ تَقْدِيمِهِ قَبْلَ وَقْتِ وُجُوبِهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ أَنَّا قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ وُجُوبَ الْهَدْيِ مُتَعَلِّقٌ بِوُجُوبِ تَمَامِ الْحَجِّ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ لِأَنَّ قَبْلَ ذَلِكَ يَجُوزُ وُرُودِ الْفَسَادِ عَلَيْهِ فَلَا يَكُونُ الْهَدْيُ وَاجِبًا عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَقَدْ جَازَ عِنْدَ الْجَمِيعِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بَعْدَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِحْرَامُ بِهِ مُوجِبًا لَهُ إذْ كَانَ وُجُوبُهُ مُتَعَلِّقًا بِتَمَامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ جَمِيعًا ثَبَتَ جَوَازُهُ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ إحْرَامِ الْحَجِّ وَإِحْرَامِ الْعُمْرَةِ إذَا فَعَلَهُ بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ وُجُودِ سَبَبِهِ وَذَلِكَ مَوْجُودٌ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ فَإِنْ قِيلَ لَوْ كَانَ مَا ذَكَرْتَ سَبَبَا لِلْجَوَازِ لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ السَّبْعَةُ أَيْضًا لِوُجُودِ السَّبَبِ قِيلَ لَهُ لَوْ لَزِمَنَا ذَلِكَ عَلَى قَوْلِنَا فِي جَوَازِهِ بَعْدَ إحْرَامِ الْعُمْرَةِ لَلَزِمَكَ مِثْلُهُ فِي إجَازَتِكِ لَهُ بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ لِأَنَّكَ تُجِيزُ صَوْمَ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ بَعْدَ إحْرَامِ الْحَجِّ وَلَا تُجِيزُ السَّبْعَةَ فَإِنْ قِيلِ فَإِذَا كَانَ الصِّيَامُ بَدَلًا مِنْ الْهَدْيِ وَالْهَدْيُ لَا يَجُوزُ ذَبْحُهُ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ فَكَيْفَ جَازَ الصَّوْمُ قِيلَ لَهُ لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَقَدْ ثَبَتَ بِالسُّنَّةِ امْتِنَاعُ جَوَازِ ذَبْحِ الْهَدْيِ قَبْلَ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَحَدُهُمَا ثَابِتٌ بِالِاتِّفَاقِ وَبِدَلِيلِ قَوْلِهِ [فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ] وَالْآخَرُ ثَابِتٌ بِالسُّنَّةِ فَالِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِمَا بِالنَّظَرِ سَاقِطٌ وَأَيْضًا فَإِنَّ الصَّوْمَ يَقَعُ مُرَاعًى مُنْتَظَرٌ بِهِ شَيْئَانِ أَحَدُهُمَا إتْمَامُ الْعُمْرَةِ وَالْحَجِّ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَالثَّانِي أَنْ لَا يَجِدَ الْهَدْيَ حَتَّى يُحِلَّ فَإِذَا وُجِدَ الْمَعْنَيَانِ صَحَّ الصَّوْمُ عَنْ الْمُتْعَةِ وَإِذَا عُدِمَ أَحَدُهُمَا بَطُلَ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ الْمُتْعَةِ وَصَارَ تَطَوُّعًا وَأَمَّا الْهَدْيُ فَقَدْ رُتِّبَ عَلَيْهِ أَفْعَالٌ أُخَرُ مِنْ حَلْقٍ وَقَضَاءِ التَّفَثِ وَطَوَافِ الزِّيَارَةِ فَلِذَلِكَ اُخْتُصَّ بِيَوْمِ النَّحْرِ فَإِنْ قِيلَ قَالَ اللَّهُ [فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ] فَلَا يَجُوزُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْحَجِّ قِيلَ لَهُ لَا يَخْلُو قَوْلُهُ [فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِ] مِنْ أَحَدِ مَعَانٍ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِهِ فِي الْأَفْعَالِ الَّتِي هِيَ عُمْدَةٌ لِلْحَجِّ وَمَا سَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَجًّا وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِأَنَّهُ قَالَ الْحَجُّ عَرَفَةَ أَوْ أَنْ يُرِيدَ فِي إحْرَامِ الْحَجِّ أَوْ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ [الْحَجُّ أَشْهُرٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute