للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ وَزُفَرُ وَمَالِكٌ والليث وعبد اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ وَالشَّافِعِيُّ وَاخْتَلَفُوا فِي الْكُدْرَةِ فَقَالَ جَمِيعُ مَنْ قَدَّمْنَا ذِكْرَهُمْ إنَّهَا حَيْضٌ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا دَمٌ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تَكُونُ الْكُدْرَةُ حَيْضًا إلَّا بَعْدَ الدَّمِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتَا لَا تُصَلِّي الْحَائِضُ حَتَّى تَرَى الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي أَنَّ الْكُدْرَةَ حَيْضٌ بَعْدَ الدَّمِ فَلَمَّا كَانَ وُجُودُهَا عَقِيبَ الدَّمِ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْكُدْرَةَ مِنْ اخْتِلَاطِ أَجْزَاءِ الدَّمِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حُكْمَهَا إذَا وُجِدَتْ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ وَإِنْ لَمْ يَتَقَدَّمْهَا دَمٌ وَأَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ الْمُعْتَادُ فِيهِ الدَّمُ دَلَالَةً عَلَى أَنَّ الْكُدْرَةَ مِنْ اخْتِلَاطِ أَجْزَاءِ الدَّمِ بِالْبَيَاضِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ لِلْوَقْتِ تَأْثِيرًا فِي ذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ تَرَى الدَّمَ فِي أَيَّامِ حَيْضِهَا وَبَعْدَهَا فَيَكُونُ مَا رَأَتْهُ فِي أَيَّامِهَا حَيْضًا وَمَا بَعْدَ أَيَّامِهَا غَيْرَ حَيْضٍ وَكَانَ الْوَقْتُ عِلْمًا لِكَوْنِهِ حَيْضًا وَدَلَالَةً عَلَيْهِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْوَقْتُ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ الْكُدْرَة مِنْ أَجْزَاءِ دَمِ الْحَيْضِ وَأَنْ يَكُونَ حَيْضًا وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي حَيْضِ الْمُبْتَدَأَةِ إذَا رَأَتْ الدَّمَ واستمر بها فقال أصحابنا وجميعا عَشَرَةٌ مِنْهَا حَيْضٌ وَمَا زَادَ فَهُوَ اسْتِحَاضَةٌ إلَى آخِرِ الشَّهْرِ فَيَكُونُ حَيْضُهَا عَشَرَةً وَطُهْرُهَا عِشْرِينَ وَلَمْ يُذْكَرْ عَنْهُمْ خِلَافٌ فِي الْأُصُولِ وَقَالَ بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ تَأْخُذُ فِي الصَّلَاةِ بِالثَّلَاثِ أَقَلَّ الْحَيْضِ وَفِي الزَّوْجِ بِالْعَشَرَةِ وَلَا تَقْضِي صَوْمًا عَلَيْهَا إلَّا بَعْدَ الْعَشَرَةِ وَتَصُومُ الْعَشْرَ مِنْ رَمَضَانَ

وَتَقْضِي سَبْعًا مِنْهَا وَقَالَ إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ تَقْعُدُ مِثْلَ أَيَّامِ نِسَائِهَا وَقَالَ مَالِكٌ تَقْعُدُ مَا تَقْعُدُ نَحْوُهَا مِنْ النِّسَاءِ ثُمَّ هِيَ مُسْتَحَاضَةٌ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ حَيْضُهَا أَقَلُّ مَا يَكُونُ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ اتِّفَاقُ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّهَا مَأْمُورَةٌ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ إلَى أَكْثَرِ الْحَيْضِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ فَصَارَتْ مَحْكُومًا لَهَا بِحُكْمِ الْحَيْضِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ وَمِثْلُهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ حَيْضًا فَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا حَيْضًا لِوُقُوعِ الْحُكْمِ لَهَا بِذَلِكَ وَعَدَمِ عَادَتِهَا لِخِلَافِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الْكُلَّ يَقُولُونَ إنَّ الدَّمَ لَوْ انْقَطَعَ عَنْ الْعَشَرَةِ لَكَانَ كُلُّهُ حَيْضًا فَثَبَتَ أَنَّ الْعَشَرَةَ مَحْكُومٌ لَهَا فِيهَا لِحُكْمِ الْحَيْضِ وَغَيْرُ جَائِزٍ نَقْضُ ذَلِكَ إلَّا بِدَلَالَةٍ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ مَا زَادَ عَلَى الْأَقَلِّ مَشْكُوكًا فِيهِ بَعْدَ وُجُودِ الزِّيَادَةِ عَلَى الْأَكْثَرِ لَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ لَا يُنْقَضَ مَا حَكَمْنَا بِهِ حَيْضًا بِالشَّكِّ أَلَا تَرَى أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَكَمَ لِلشَّهْرِ الَّذِي يُغَمُّ الْهِلَالُ فِي آخِرِهِ بِثَلَاثِينَ

بِقَوْلِهِ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَعُدُّوا ثَلَاثِينَ

لَمَّا كَانَ ابْتِدَاءُ الشَّهْرِ يَقِينًا لَمْ يُحْكَمْ بِانْقِضَائِهِ بِالشَّكِّ فَإِنْ قِيلَ فَمَنْ كَانَتْ لَهَا عادة دون العشر فزاد الدم ردت إلى أيام «٣- أحكام في»

<<  <  ج: ص:  >  >>