تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَةِ قَوْلِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَيَدُلُّ عَلَى مُوَافَقَةِ ابْنِ عُمَرَ فِي أَنَّ الْهِجْرَانَ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ هُوَ الْإِيلَاءُ وَالرَّابِعُ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ إنْ هَجَرَهَا فَهُوَ إيلَاءٌ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَلِفَ فَأَمَّا مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ حَلِفِهِ عَلَى تَرْكِ جِمَاعِهَا ضِرَارًا وَبَيْنَهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ الضِّرَارِ فَإِنَّهُ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْجِمَاعَ حَقٌّ لَهَا وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ وَلَيْسَ لَهُ مَنْعُهَا حَقَّهَا مِنْ ذَلِكَ فَإِذَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِ حَقِّهَا مِنْ الْجِمَاعِ كَانَ مُولِيًا حَتَّى تَصِلَ إلَى حَقِّهَا مِنْ الْفُرْقَةِ إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا إمْسَاكُهَا بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَأَمَّا إذَا قَصَدَ الصَّلَاحَ فِي ذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ مُرْضِعَةً فَحَلَفَ أَنْ لَا يُجَامِعَهَا لِئَلَّا يَضُرَّ ذَلِكَ بِالصَّبِيِّ فَهَذَا لَمْ يَقْصِدْ مَنْعَ حَقِّهَا وَلَا هُوَ غَيْرُ مُمْسِكٍ لَهَا بِمَعْرُوفٍ فَلَا يَلْزَمُ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِيَمِينِهِ حُكْمُ الفرقة وقوله فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يستدل مَنْ اعْتَبَرَ الضِّرَارَ لِأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُذْنِبًا يَقْتَضِي الْفَيْءَ غُفْرَانُهُ وَهَذَا عِنْدَنَا لَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِهِ مَنْ كَانَ هَذَا وَصْفَهُ لِأَنَّ الْآيَةَ قَدْ شَمِلَتْ الْجَمِيعَ وَقَاصِدُ الضَّرَرِ أَحَدُ مَنْ شَمِلَهُ الْعُمُومُ فَرَجَعَ هَذَا الْحُكْمُ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ وَيَدُلُّ عَلَى اسْتِوَاءِ حَالِ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا يَسْتَوِيَانِ فِي وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ كَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي إيجَابِ الطَّلَاقِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَأَيْضًا سائر الأيمان المعقودة لا يختلف فيها حُكْمُ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ إيجَابِ الْكَفَّارَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الطَّلَاقِ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا يَتَعَلَّقَانِ بِالْيَمِينِ وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الرَّجْعَةِ عَلَى وَجْهِ الضِّرَارِ وَغَيْرِهِ كذلك الْإِيلَاءُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ لِأَنَّ الْآيَةَ لَمْ تُفَرِّقْ بَيْنَ الْمُطِيعِ وَالْعَاصِي فَهِيَ عَامَّةٌ فِي الْجَمِيعِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّهُ إذَا قَصَدَ ضِرَارَهَا بِيَمِينٍ عَلَى الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ فَلَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ لَا خِلَافَ أَنَّهُ قَدْ أَضْمَرَ فِيهِ الْيَمِينَ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْحَالِفَ عَلَى تَرْكِ جِمَاعِهَا مُولٍ فَتَرْكُ الْجِمَاعِ مُضْمَرٌ فِي الْآيَةِ عِنْدَ الْجَمِيعِ فَأَثْبَتْنَاهُ وَمَا عَدَا ذَلِكَ مِنْ تَرْكِ الْكَلَامِ وَنَحْوِهِ لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عَلَى إضْمَارِهِ فِي الْآيَةِ فَلَمْ يُضْمِرْهُ وَيَدُلُّ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ قَوْلُهُ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وَمَعْلُومٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْفَيْءِ هُوَ الْجِمَاعُ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ فِيهِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْمُضْمَرَ فِي قَوْلِهِ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ هُوَ الْجِمَاعُ دُونَ غَيْرِهِ وَأَمَّا مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ أَنَّ الْهِجْرَانَ يُوجِبُ الطَّلَاقَ فَإِنَّهُ قَوْلٌ شَاذٌّ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ إذَا حَلَفَ ثُمَّ هَجَرَهَا مُدَّةَ الْإِيلَاءِ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ خِلَافُ الْكِتَابِ قَالَ اللَّهُ تعالى لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ وَالْأَلِيَّةُ الْيَمِينُ عَلَى مَا بَيَّنَّا وَهِجْرَانُهَا لَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute