الِاغْتِسَالُ وَاسْتِبَاحَةُ الصَّلَاةِ بِهِ فَتَكُونُ طَاهِرًا بِالِاتِّفَاقِ عَلَى مَا
رُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَعَبْدِ اللَّهِ وَعُظَمَاءِ السَّلَفِ مِنْ بَقَاءِ الرَّجْعَةِ إلَى أَنْ تَغْتَسِلَ أَوْ يَمْضِيَ عَلَيْهَا وَقْتُ الصَّلَاةِ
فَيَلْزَمُهَا فَرْضُهَا فَيَكُونُ لُزُومُ فَرْضِ الصَّلَاةِ مُنَافِيًا لِبَقَاءِ حُكْمِ الْحَيْضِ وَهَذَا إنَّمَا هُوَ كَلَامٌ فِي مُضِيِّ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ وَوُقُوعِ الطُّهْرِ مِنْهَا وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْ الْكَلَامِ فِي الْمَسْأَلَةِ فِي شيء ألا نرى أَنَّا نَقُولُ إنَّ أَيَّامَهَا إذَا كَانَتْ عَشَرَةً انْقَضَتْ عِدَّتُهَا بِمُضِيِّ الْعَشَرَةِ اغْتَسَلَتْ أَوْ لَمْ تَغْتَسِلْ لِحُصُولِ الْيَقِينِ بِانْقِضَاءِ الْحَيْضَةِ إذْ لَا يَكُونُ الْحَيْضُ عِنْدَنَا أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ فَالْمُلْزِمُ لَنَا ذَلِكَ عَلَى اعْتِبَارِ الْحَيْضِ مُغْفَلٌ فِي إلْزَامِهِ وَاضِعٌ لِلْأَقْرَاءِ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقَدْ أَفْرَدْنَا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كِتَابًا وَاسْتَقْصَيْنَا الْقَوْلَ فِيهَا أَكْثَرَ مِنْ هذا وفيما ذكرناه هاهنا كِفَايَةٌ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ الْعِدَّةِ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَمُرَادُهُ مَقْصُورٌ عَلَى الْحُرَّةِ دُونَ الْأَمَةِ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ السَّلَفِ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ
وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ عَلِيٍّ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ أَنَّ عِدَّةَ الْأَمَةِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ عِدَّةِ الْحُرَّةِ
وَقَدْ رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ طَلَاقَ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ
وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ قَدْ دَلَّا عَلَى أَنَّ مُرَادَ اللَّهِ تَعَالَى فِي قَوْلِهِ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ هُوَ الْحَرَائِرُ دُونَ الْإِمَاءِ قَوْله تَعَالَى وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ رَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ كَانَ مِنْ الْأَمَانَةِ أَنْ اُؤْتُمِنَتْ الْمَرْأَةُ عَلَى فَرْجِهَا وَرَوَى نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فِي قَوْله تَعَالَى وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحامِهِنَّ قَالَ الْحَيْضُ وَالْحَبَلُ وَقَالَ عِكْرِمَةُ الْحَيْضُ وَالْحَكَمُ عَنْ مُجَاهِدٍ وَإِبْرَاهِيمَ أَحَدُهُمَا الْحَمْلُ وَقَالَ الْآخَرُ الْحَيْضُ
وَعَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ اسْتَحْلَفَ امْرَأَةً أَنَّهَا لم تستكمل الحيض
وقضى بذلك عثمان وقال أَبُو بَكْرٍ لَمَّا وَعَظَهَا بِتَرْكِ الْكِتْمَانِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهَا فِي وُجُودِ الْحَيْضِ أَوْ عَدَمِهِ وَكَذَلِكَ فِي الْحَبَلِ لِأَنَّهُمَا جَمِيعًا مِمَّا خَلَقَ اللَّهُ فِي رَحِمِهَا وَلَوْلَا أَنَّ قَوْلَهَا فِيهِ مَقْبُولٌ لَمَا وُعِظَتْ بِتَرْكِ الْكِتْمَانِ وَلَا كِتْمَانَ لَهَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمَرْأَةَ إذَا قَالَتْ أَنَا حَائِضٌ لَمْ يَحِلَّ لِزَوْجِهَا وَطْؤُهَا وَأَنَّهَا إذَا قَالَتْ قَدْ طَهُرْت حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا وَكَذَلِكَ قَالَ أَصْحَابُنَا أَنَّهُ إذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ طَالِقٌ إنْ حِضْت فَقَالَتْ قَدْ حِضْت طَلُقَتْ وَكَانَ قَوْلُهَا كَالْبَيِّنَةِ وَفَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ سَائِرِ الشُّرُوطِ إذَا عُلِّقَ بِهَا الطَّلَاقُ نَحْوَ قَوْلِهِ إنْ دَخَلْت الدَّارَ وكلمت زَيْدًا فَقَالُوا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهَا إذَا لَمْ يُصَدِّقْهَا الزَّوْجُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ وَتُصَدَّقُ فِي الْحَيْضِ وَالطُّهْرِ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَوْجَبَ عَلَيْنَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute