للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما فَرَضْتُمْ قِيلَ إنَّ أَصْلَ الْفَرْضِ الْحَزُّ فِي الْقِدَاحِ عَلَامَةً لَهَا تُمَيِّزُ بَيْنَهَا وَالْفُرْضَةُ الْعَلَامَةُ فِي قِسْمِ الْمَاءِ عَلَى خَشَبٍ أَوْ جَصٍّ أَوْ حِجَارَةٍ يَعْرِفُ بِهَا كُلُّ ذِي حَقٍّ نَصِيبَهُ مِنْ الشُّرْبِ وَقَدْ سُمِّيَ الشَّطُّ الَّذِي تَرْفَأُ فِيهِ السُّفُنُ فُرْضَةً لِحُصُولِ الْأَثَرِ فِيهِ بِالنُّزُولِ إلَى السُّفُنِ وَالصُّعُودِ مِنْهَا ثُمَّ صَارَ اسْمُ الْفَرْضِ فِي الشَّرْعِ وَاقِعًا عَلَى الْمِقْدَارِ وَعَلَى ما كان في أعلى راتب الْإِيجَابِ مِنْ الْوَاجِبَاتِ وقَوْله تَعَالَى إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ معناه أنزل وَأَوْجَبَ عَلَيْك أَحْكَامَهُ وَتَبْلِيغَهُ وقَوْله تَعَالَى عِنْدَ ذكر المواريث فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ يَنْتَظِمُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ مَعْنَى الْإِيجَابِ لِمَقَادِيرِ الْأَنْصِبَاءِ الَّتِي بَيَّنَهَا لِذَوِي الْمِيرَاثِ وقَوْله تَعَالَى وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً المراد بالفرض هاهنا تَقْدِيرُ الْمَهْرِ وَتَسْمِيَتُهُ فِي الْعَقْدِ وَمِنْهُ فَرَائِضُ الْإِبِلِ وَهِيَ الْمَقَادِيرُ الْوَاجِبَةُ فِيهَا عَلَى اعْتِبَارِ أَعْدَادِهَا وَأَسْنَانِهَا فَسَمَّى التَّقْدِيرَ فَرْضًا تَشْبِيهًا لَهُ بِالْحَزِّ الْوَاقِعِ فِي الْقِدَاحِ الَّتِي تَتَمَيَّزُ بِهِ من غيرها وكذلك سبيل ما كان مقدار مِنْ الْأَشْيَاءِ فَقَدْ حَصَلَ التَّمْيِيزُ بِهِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تعالى وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً تَسْمِيَةُ الْمِقْدَارِ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ قَدَّمَ ذِكْرَ الْمُطَلَّقَةِ الَّتِي لَمْ يُسَمَّ لَهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ثُمَّ عَقَّبَهُ بِذِكْرِ مَنْ فُرِضَ لَهَا وَطَلُقَتْ بَعْدَ الدُّخُولِ فَلَمَّا كَانَ الْأَوَّلُ عَلَى نَفْيِ التَّسْمِيَةِ كَانَ الثَّانِي عَلَى إثْبَاتِهَا فَأَوْجَبَ اللَّهُ لَهَا نِصْفَ الْمَفْرُوضِ بِنَصِّ التَّنْزِيلِ وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيمَنْ سُمِّيَ لَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ ثُمَّ طَلُقَتْ قَبْلَ الدُّخُولِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ لَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَكَانَ أَبُو يُوسُفَ يَقُولُ لَهَا نِصْفُ الْفَرْضِ ثُمَّ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ لَهَا نِصْفُ الْفَرْضِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ لَهَا مَهْرَ مِثْلِهَا أَنَّ مُوجَبَ هَذَا الْعَقْدِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَقَدْ اقْتَضَى وُجُوبُ مَهْرِ الْمِثْلِ بِالْعَقْدِ وُجُوبَ الْمُتْعَةِ بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَمَّا تَرَاضَيَا عَلَى تَسْمِيَةٍ لَمْ يَنْتَفِ مُوجَبُ الْعَقْدِ مِنْ الْمُتْعَةِ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ هَذَا الْفَرْضَ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ كَمَا لَمْ يَكُنْ مَهْرُ الْمِثْلِ مُسَمًّى فِيهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا بِهِ فَلَمَّا كَانَ وُرُودُ الطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُول مُسْقِطًا لِمَهْرِ الْمِثْلِ بَعْد وُجُوبِهِ إذْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِي الْعَقْدِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْمَفْرُوضِ بَعْدَهُ إذْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِيهِ فَإِنْ قِيلَ مَهْرُ الْمِثْلِ لَمْ يُوجِبْهُ الْعَقْدُ وَإِنَّمَا وَجَبَ بِالدُّخُولِ قِيلَ لَهُ هَذَا غَلَطٌ لأنه غير جَائِزٌ اسْتِبَاحَةُ الْبُضْعِ بِغَيْرِ بَدَلٍ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ لَا مَهْرَ لَهَا لَوَجَبَ لَهَا الْمَهْرُ فَلَمَّا كَانَ الْمَهْرُ بَدَلًا مِنْ اسْتِبَاحَةِ الْبُضْعِ وَلَمْ يجز نفيه بالشرط وجب أن يكون «١٠- أحكام نى»

<<  <  ج: ص:  >  >>