الْبَالِ وَسُوءِ الْحَالِ وَإِنْ كَانَتْ بِزَّتُهُمْ وَثِيَابُهُمْ وَظَاهِرُ هَيْئَتِهِمْ حَسَنَةً جَمِيلَةً وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ جَعَلَ لِنَبِيِّهِ عَلَمًا يَسْتَدِلُّ بِهِ إذَا رَآهُمْ عَلَيْهِ عَلَى فَقْرِهِمْ وَإِنْ كنا لا نعرف ذلك مهم إلَّا بِظُهُورِ الْمَسْأَلَةِ مِنْهُمْ أَوْ بِمَا يَظْهَرُ مِنْ بَذَاذَةِ هَيْئَتِهِمْ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ لما يَظْهَرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَقَدْ اعْتَبَرَ أَصْحَابُنَا ذَلِكَ فِي الْمَيِّتِ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يُعْرَفْ أَمْرُهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي إسْلَامٍ أَوْ كُفْرٍ أَنَّهُ يَنْظُرُ إلَى سِيمَاهُ فَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ سِيمَا أَهْلِ الْكُفْرِ مِنْ شَدِّ زُنَّارٍ أَوْ عَدَمِ خِتَانٍ وَتَرْكِ الشَّعْرِ عَلَى حَسَبِ مَا يَفْعَلُهُ رُهْبَانُ النَّصَارَى حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْكُفَّارِ وَلَمْ يُدْفَنْ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ سِيمَا أَهْلِ الْإِسْلَامِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْمُسْلِمِينَ فِي الصَّلَاةِ وَالدَّفْنِ وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي مِصْرٍ مِنْ الْأَمْصَارِ الَّتِي لِلْمُسْلِمِينَ فَهُوَ مُسْلِمٌ وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَمَحْكُومٌ لَهُ بِحُكْمِ الْكُفْرِ فَجَعَلُوا اعْتِبَارَ سِيمَاهُ بِنَفْسِهِ أَوْلَى مِنْهُ بِمَوْضِعِهِ الْمَوْجُودِ فِيهِ فَإِذَا عَدِمْنَا السِّيمَا حَكَمْنَا لَهُ بِحُكْمِ أَهْلِ الْمَوْضِعِ وَكَذَلِكَ اعْتَبَرُوا فِي اللَّقِيطِ وَنَظِيرُهُ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكاذِبِينَ وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَاعْتَبَرَ الْعَلَامَةَ وَمِنْ نَحْوِهِ قَوْله تَعَالَى وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَإِخْوَةُ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَطَّخُوا قَمِيصَهُ بِدَمٍ وجعلوه علامة لصدقهم قال الله تعالى وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ وقوله تعالى لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلْحَاحًا وَإِدَامَةً لِلْمَسْأَلَةِ لِأَنَّ إلحاف الْمَسْأَلَةِ هُوَ الِاسْتِقْصَاءُ فِيهَا وَإِدَامَتُهَا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ الْإِلْحَافِ فِي الْمَسْأَلَةِ فَإِنْ قِيلَ فإنما قال الله عز وجل لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً فَنَفَى عَنْهُمْ الْإِلْحَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ وَلَمْ يَنْفِ عَنْهُمْ الْمَسْأَلَةَ رَأْسًا قِيلَ لَهُ فِي فَحَوَى الْآيَةِ وَمَضْمُونِ الْمُخَاطَبَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى نَفْيِ الْمَسْأَلَةِ رَأْسًا وَهُوَ قَوْله تَعَالَى يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ فلو كانوا أظهروا المسألة وإن لم تكن إلحافا لما حسبهم أغنياء وكذلك قوله تعالى مِنَ التَّعَفُّفِ لِأَنَّ التَّعَفُّفَ هُوَ الْقَنَاعَةُ وَتَرْكُ الْمَسْأَلَةِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى وَصْفِهِمْ بِتَرْكِ الْمَسْأَلَةِ أَصْلًا وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ التَّعَفُّفَ هُوَ تَرْكُ الْمَسْأَلَةِ
قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ اسْتَغْنَى أَغْنَاهُ اللَّهُ وَمَنْ اسْتَعَفَّ أَعَفَّهُ اللَّهُ
وَإِذَا ثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ دَلَالَةِ الْآيِ أَنَّ ثياب الكسوة لا تمنع الزَّكَاةِ وَإِنْ كَانَتْ سِرِّيَّةً وَجَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ حُكْمُ الْمَسْكَنِ وَالْأَثَاثِ وَالْفَرَسِ وَالْخَادِمِ لِعُمُومِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ فَإِذَا كَانَتْ الْحَاجَةُ إلَى هَذِهِ الْأَشْيَاءِ حَاجَةً مَاسَّةً فَهُوَ غَيْرُ غَنِيٍّ بِهَا لِأَنَّ الْغِنَى هُوَ مَا فَضَلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute