مِنْ عِبَادِهِ مَا عَمِلْت قَالَ مَا عَمِلْت لَك كَثِيرَ عَمَلٍ أَرْجُوَك بِهِ مِنْ صَلَاةٍ وَلَا صَوْمٍ غَيْرَ أَنَّك كُنْت أَعْطَيْتنِي فَضْلًا مِنْ مَالٍ فَكُنْت أُخَالِطُ النَّاسَ فَأُيَسِّرُ عَلَى الْمُوسِرِ وَأُنْظِرُ الْمُعْسِرَ فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ نحن أحق بذلك منك تجاوزا عَنْ عَبْدِي فَغَفَرَ لَهُ فَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ هكذا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذا الْحَدِيثُ أَيْضًا يَدُلُّ عَلَى مِثْلِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ الْمُتَقَدِّمَةُ مِنْ أَنَّ الْإِنْظَارَ لَا يَقَعُ بِنَفْسِ الْإِعْسَارِ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ إنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَالتَّيْسِيرِ عَلَى الْمُوسِرِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ غَيْرُ وَاجِبٍ وَاحْتَجَّ مَنْ حَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ لُزُومِهِ إذَا أَعْسَرَ وَجَعْلَهُ مُنْظَرًا بِنَفْسِ الْإِعْسَارِ بِمَا
رَوَاهُ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ بُكَيْر عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلًا أُصِيبَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثِمَارٍ ابْتَاعَهَا فَكَثُرَ دَيْنُهُ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفَاءَ دَيْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا مَا وَجَدْتُمْ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ
فَاحْتَجَّ الْقَائِلُ بِمَا وَصَفْنَا
بِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ لَكُمْ إلَّا ذَلِكَ
وَأَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي نَفْيَ اللُّزُومِ فَيُقَالُ لَهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ سُقُوطَ دُيُونِهِمْ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُ مَتَى وُجِدَ كَانَ الْغُرَمَاءُ أَحَقَّ بِمَا فَضُلَ عَنْ قُوتِهِ وَإِذَا لَمْ يَنْفِ بِذَلِكَ بَقَاءَ حُقُوقِهِمْ فِي ذِمَّتِهِ فَكَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ بَقَاءَ لُزُومِهِمْ لَهُ لِيَسْتَوْفُوا دُيُونَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُهُ فَاضِلًا عَنْ قُوتِهِ وَهَذَا هُوَ مَعْنَى اللُّزُومِ لِأَنَّا لَا نَخْتَلِفُ فِي ثُبُوتِ حُقُوقِهِمْ فِيمَا يَكْسِبُهُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَقَدْ اقْتَضَى ذَلِكَ ثُبُوتَ حَقِّ اللُّزُومِ لَهُمْ وَلَمْ يَنْتِفْ ذَلِكَ
كَمَا لَمْ يَنْتِفْ بَقَاءُ حُقُوقِهِمْ فِيمَا يَسْتَفِيدُهُ وَقَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا مِنْ إنْظَارِ الْمُعْسِرِ وَمَا ذُكِرَ مِنْ تَرْغِيبِ الطَّالِبِ فِي إنْظَارِهِ يدل على جواز التَّأْجِيلَ فِي الدُّيُونِ الْحَالَّةِ الْوَاجِبَةِ عَنْ الْغُصُوبِ وَالْبُيُوعِ وَزَعَمَ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إذَا كَانَ حَالًّا فِي الْأَصْلِ لَا يَصِحُّ التَّأْجِيلُ بِهِ وَذَلِكَ خِلَافُ الْآثَارِ الَّتِي قَدَّمْنَا لِأَنَّهَا قَدْ اقْتَضَتْ جَوَازَ تَأْجِيلِهِ وَبَيَّنَ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ بُرَيْدَةَ فيمن أجل قبل أن يحل أو بعد ما حَلَّ وَقَدْ تَقَدَّمَ سَنَدُهُ
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَسْرُوقٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ سَمْعَانَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ قَالَ خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ هاهنا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثم قال هاهنا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَلَمْ يُجِبْهُ أَحَدٌ ثم قال هاهنا أَحَدٌ مِنْ بَنِي فُلَانٍ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مَنَعَك أَنْ تُجِيبَنِي فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ إنِّي لَمْ أُنَوِّهْ بِكُمْ إلَّا خَيْرًا إنَّ صَاحِبَكُمْ مَأْسُورٌ بِدَيْنِهِ فَلَقَدْ رَأَيْته أَدَّى عَنْهُ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute