للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَقْتَضِيهِ وَعَلَيْهِ التَّحَرُّزُ مِنْ الْعِبَارَاتِ الْمُحْتَمِلَةِ لِلْمَعَانِي وَتَجَنُّبُ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ وَتَحَرِّي تَحْقِيقِ الْمَعَانِي بِأَلْفَاظٍ مُبَيِّنَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ حَدِّ الشَّرِكَةِ وَالِاحْتِمَالِ وَالتَّحَرُّزِ مِنْ خِلَافِ الْفُقَهَاءِ مَا أَمْكَنَ حَتَّى يَحْصُلَ للمداينين مَعْنَى الْوَثِيقَةِ وَالِاحْتِيَاطِ الْمَأْمُورِ بِهِمَا فِي الْآيَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى عَقِيبَ الْأَمْرِ بِالْكِتَابِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ يَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مَا بَيَّنَهُ مِنْ أَحْكَامِ الْعُقُودِ الصَّحِيحَةِ وَالْمُدَايَنَاتِ الثَّابِتَةِ الْجَائِزَةِ لِكَيْ يَحْصُلَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَدَايِنَيْنِ مَا قَصَدَ مِنْ تَصْحِيحِ عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ وَلِأَنَّ الْكَاتِبَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَكْتُبَ مَا يُفْسِدَ عَلَيْهِمَا مَا قَصَدَاهُ وَيُبْطِلَ مَا تَعَاقَدَاهُ وَالْكِتَابُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ حَتْمًا وَكَانَ نَدْبًا وَإِرْشَادًا إلَى الْأَحْوَطِ فَإِنَّهُ مَتَى كُتِبَ فَوَاجِبٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ الشَّرِيطَةِ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ فانتظم ذلك صلاة الفرض والنفل غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ وَلَكِنَّهُ مَتَى قَصَدَ فِعْلَهَا وَهُوَ مُحْدِثٌ فَعَلَيْهِ أَنْ لَا يَفْعَلَهَا إلَّا بِشَرَائِطِهَا مِنْ الطَّهَارَةِ وَسَائِرِ أَرْكَانِهَا وَكَمَا

قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْلَمَ فَلْيُسْلِمْ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

وَالسَّلَمُ لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلَكِنَّهُ مَتَى أَرَادَ أَنْ يُسْلِمَ فَعَلَيْهِ اسْتِيفَاءُ الشَّرَائِطِ فَكَذَلِكَ كتاب الدين والإشهاد ليس بِوَاجِبَيْنِ وَلَكِنَّهُ مَتَى كُتِبَ فَعَلَى الْكَاتِبِ أَنْ يَكْتُبَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَأَنْ يَسْتَوْفِيَ فِيهِ شُرُوطَ صِحَّتِهِ لِيَحْصُلَ الْمَعْنَى الْمَقْصُودُ بِكِتَابَتِهِ وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي لُزُومِ الْكَاتِبِ الْكِتَابَةَ فَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ هُوَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ كَالْجِهَادِ وَنَحْوِهِ وَقَالَ السُّدِّيُّ وَاجِبٌ عَلَى الْكَاتِبِ فِي حَالِ فَرَاغِهِ وَقَالَ عَطَاءٌ وَمُجَاهِدٌ هُوَ وَاجِبٌ وَقَالَ الضَّحَّاكُ نَسَخَتْهَا وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْكِتَابَ غَيْرُ وَاجِبٍ فِي الْأَصْلِ عَلَى الْمُتَدَايِنَيْنِ فَكَيْفُ يَكُون وَاجِبًا عَلَى الْأَجْنَبِيِّ الَّذِي لَا حُكْمَ لَهُ فِي هَذَا الْعَقْدِ وَلَا سَبَبَ لَهُ فِيهِ وَعَسَى أَنْ يَكُونَ مَنْ رَآهُ وَاجِبًا إلَى أَنَّ الْأَصْلَ وَاجِبٌ فَكَذَلِكَ عَلَى مَنْ يُحْسِنُ الْكِتَابَةَ أَنْ يَقُومَ بِهَا لِمَنْ يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَالْأَصْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عِنْدَنَا فَإِنَّ الْمُتَدَايِنَيْنِ مَتَى قَصَدَا إلَى مَا نَدَبَهُمَا إلَيْهِ مِنْ الِاسْتِيثَاقِ بِالْكِتَابِ وَلَمْ يَكُونَا عالمين بذلك فإن فَرْضٌ عَلَى مَنْ عَلِمَ ذَلِكَ أَنْ يُبَيِّنَهُ لَهُمَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَهُ وَلَكِنْ يُبَيِّنَهُ حَتَّى يَكْتُبَاهُ أَوْ يَكْتُبَهُ لَهُمَا أَجِيرٌ أَوْ مُتَبَرِّعٌ بِإِمْلَاءِ مَنْ يَعْلَمُهُ كَمَا لَوْ أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَصُومَ صَوْمًا تَطَوُّعًا أَوْ يُصَلِّيَ صلاة تعرف أَحْكَامَهُمَا كَانَ عَلَى الْعَالِمِ بِذَلِكَ إذَا سُئِلَ أَنْ يُبَيِّنَهُ لِسَائِلِهِ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ الصَّلَاةُ وَالصَّوْمُ فَرْضًا لِأَنَّ عَلَى الْعُلَمَاءِ بَيَانَ النوفل «١٤- أحكام في»

<<  <  ج: ص:  >  >>