قال قرأها ابن عمر وبكى وقال إنَّا لَمَأْخُوذُونَ بِمَا نُحَدِّثُ بِهِ أَنْفُسَنَا فَبَكَى حَتَّى سُمِعَ نَشِيجُهُ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَى ابْنَ عَبَّاسٍ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ يَرْحَمُ اللَّهُ ابْنَ عُمَرَ لَقَدْ وَجَدَ مِنْهَا الْمُسْلِمُونَ نَحْوًا مِمَّا وَجَدَ حَتَّى نَزَلَتْ بَعْدَهَا لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها وَرُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي تَلِيهَا لَها مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ وَرَوَى مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ أَنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ لَكِنَّ اللَّهَ إذَا جَمَعَ الخلق يوم القيامة يقول إنى أخبركم مما فِي أَنْفُسِكُمْ مِمَّا لَمْ تَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَلَائِكَتِي فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيُخْبِرُهُمْ وَيَغْفِرُ لَهُمْ مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ وَهُوَ قَوْلُهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ قَوْله تَعَالَى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ الشَّكِّ وَالنِّفَاقِ وَرُوِيَ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ مِثْلُ ذَلِكَ وَقَالَ عَمْرُو بْنِ عُبَيْدٍ كَانَ الْحَسَنُ يَقُولُ هِيَ مُحْكَمَةٌ لَمْ تُنْسَخْ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهَا مُحْكَمَةٌ فِي الشَّكِّ وَالْيَقِينِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مَنْسُوخَةً لِمَعْنَيَيْنِ أَحَدِهِمَا أَنَّ الْأَخْبَارَ لَا يَجُوزُ فِيهَا النَّسْخُ لِأَنَّ نَسْخَ مُخْبِرِهَا يَدُلُّ عَلَى الْبَدَاءِ وَاَللَّهُ تَعَالَى عَالِمٌ بِالْعَوَاقِبِ غَيْرُ جَائِزٍ عَلَيْهِ الْبَدَاءُ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَكْلِيفُ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهَا لِأَنَّهُ سَفَهٌ وَعَبَثٌ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَتَعَالَى عَنْ فِعْلِ الْعَبَثِ وَإِنَّمَا قَوْلُ مَنْ رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَإِنَّهُ غَلَطٌ مِنْ الرَّاوِي فِي اللَّفْظِ وَإِنَّمَا أَرَادَ بَيَانَ مَعْنَاهَا وَإِزَالَةَ التَّوَهُّمِ عَنْ صَرْفِهِ إلَى غَيْرِ وَجْهِهِ وَقَدْ رَوَى مِقْسَمٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي كِتْمَانِ الشَّهَادَةِ وروى عن عكرمة مثله وروى عن غيرهما أنها في سائر الأشياء وهذا أَوْلَى لِأَنَّهُ عُمُومٌ مُكْتَفٍ بِنَفْسِهِ فَهُوَ عَامٌّ فِي الشَّهَادَةِ وَغَيْرِهَا وَمِنْ نَظَائِرِ ذَلِكَ فِي الْمُؤَاخَذَةِ بِكَسْبِ الْقَلْبِ قَوْله تَعَالَى وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَقَالَ تَعَالَى إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وقال تعالى فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَيْ شَكٌّ فَإِنْ قِيلَ
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إنَّ اللَّهَ عَفَا لِأُمَّتِي عَمَّا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا مَا لَمْ يَتَكَلَّمُوا بِهِ أَوْ يَعْمَلُوا بِهِ
قِيلَ لَهُ هَذَا فِيمَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْأَحْكَامِ فَلَا يَقَعُ عِتْقُهُ وَلَا طَلَاقُهُ وَلَا بَيْعُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ وَلَا هِبَتُهُ بِالنِّيَّةِ مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ بِهِ وَمَا ذُكِرَ فِي الْآيَةِ فِيمَا يُؤَاخَذُ بِهِ مِمَّا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى وَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَطِيَّةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَقَالَ سِرُّ عَمَلِك وَعَلَانِيَتُهُ يُحَاسِبُك بِهِ اللَّهُ وَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ يُسِرُّ فِي نَفْسِهِ خيرا ليعمل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute