لَيْسَ الْفَقِيرُ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِالْحَجِّ لِعَدَمِ مِلْكِ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَلَوْ حَجَّ جَازَ حَجُّهُ كَذَلِكَ الْعَبْدُ قِيلَ لَهُ إنَّ الْفَقِيرَ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ لِأَنَّهُ مِمَّنْ يَمْلِكُ وَالْعَبْدُ مِمَّنْ لَا يَمْلِكُ وَإِنَّمَا سَقَطَ الْفَرْضُ عَنْ الْفَقِيرِ لِأَنَّهُ غَيْرُ وَاجِدٍ لَا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنْ يَمْلِكُ فَإِذَا وَصَلَ إلَى مَكَّةَ فَقَدْ اسْتَغْنَى عَنْ الزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْوَاجِدِينَ الْوَاصِلِينَ إلَيْهَا بِالزَّادِ وَالرَّاحِلَةِ وَالْعَبْدُ إنَّمَا سَقَطَ عَنْهُ الْخِطَابُ بِهِ لَا لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ لَكِنْ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَإِنْ مَلَكَ فَلَمْ يَدْخُلْ فِي خِطَابِ الْحَجِّ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجْزِهِ وَصَارَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِمَنْزِلَةِ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُخَاطَبْ بِالْحَجِّ لَا لِأَنَّهُ لَا يَجِدُ وَلَكِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِالْحَجِّ لِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الْخِطَابِ بِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَمْلِكُ كَمَا أَنَّ مِنْ شَرْطِهِ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يَصِحُّ خِطَابُهُ بِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ وَلِلْمَوْلَى مَنْعُهُ مِنْ الْحَجِّ بالاتفاق وَمَنَافِعُ الْعَبْدِ هِيَ مِلْكٌ لِلْمَوْلَى فَإِذَا فَعَلَ بِهَا الْحَجَّ صَارَ كَحَجٍّ فَعَلَهُ الْمَوْلَى فَلَا يُجْزِيهِ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْعَبْدَ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ أَنَّ الْمَوْلَى هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِأَبْدَالِهَا إذَا صَارَتْ مَالًا وَأَنَّ لَهُ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ وَيَمْنَعَهُ مِنْ الْحَجِّ فَإِذَا أَذِنَ لَهُ فِيهِ صَارَ مُعِيرًا لَهُ مِلْكَ الْمَنَافِعِ فَهِيَ مُتْلَفَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَوْلَى فَلَا يُجْزِئُ الْعَبْدَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْفَقِيرُ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَنَافِعَ نَفْسِهِ وَإِذَا فَعَلَ بِهَا الْحَجَّ أَجْزَاهُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مِنْ أَهْلِ الِاسْتِطَاعَةِ فَإِنْ قِيلَ لِلْمَوْلَى مَنْعُ الْعَبْدِ مِنْ الْجُمُعَةِ وَلَيْسَ الْعَبْدُ مِنْ أَهْلِ الْخِطَابِ بِهَا وَلَيْسَ عَلَيْهِ فَرْضُهَا وَلَوْ حَضَرَهَا وَصَلَّاهَا أَجْزَأَتْهُ فَهَلَّا كَانَ الْحَجُّ كَذَلِكَ قِيلَ لَهُ إنَّ فَرْضَ الظُّهْرِ قَائِمٌ عَلَى الْعَبْدِ لَيْسَ لِلْمَوْلَى مَنْعُهُ مِنْهَا فَمَتَى فَعَلَ الْجُمُعَةَ فَقَدْ أَسْقَطَ بِهَا فَرْضَ الظُّهْرِ الَّذِي كَانَ الْعَبْدُ يَمْلِكُ فِعْلَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَصَارَ كَفَاعِلِ الظُّهْرِ فَلِذَلِكَ أَجْزَأَهُ وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَبْدِ فَرْضٌ آخَرُ يَمْلِكُ فِعْلَهُ فَأُسْقِطَ بِفِعْلِ الْحَجِّ حَتَّى نَحْكُمَ بِجَوَازِهِ وَنَجْعَلَهُ فِي حُكْمِ مَا هُوَ مَالِكُهُ فَلِذَلِكَ اخْتَلَفَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَجِّ الْعَبْدِ مَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا بشر بْنُ مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ عَنْ حَرَامِ بن عثمان عن ابني جابر عن أبيهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَوْ أَنَّ صَبِيًّا حَجَّ عَشْرَ حِجَجٍ ثُمَّ بَلَغَ لَكَانَتْ عَلَيْهِ حَجَّةٌ إنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهَا سَبِيلًا وَلَوْ أَنَّ أَعْرَابِيًّا حَجَّ عَشْرَ حِجَجٍ ثُمَّ هَاجَرَ لَكَانَتْ عَلَيْهِ حَجَّةٌ إنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهَا سَبِيلًا وَلَوْ أَنَّ مَمْلُوكًا حَجَّ عَشْرَ حِجَجٍ ثُمَّ أُعْتِقَ لَكَانَتْ عَلَيْهِ حَجَّةٌ إنْ اسْتَطَاعَ إلَيْهَا سَبِيلًا
وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قال حدثنا موسى بن الحسن بن أبي عَبَّادٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي ظَبْيَانِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute