قَالَ وَلِيَ أَبِي مِيرَاثًا فَأَمَرَ بِشَاةٍ فَذُبِحَتْ ثُمَّ صُنِعَتْ وَلَمَّا قَسَّمَ ذَلِكَ الْمِيرَاثَ أَطْعَمَهُمْ ثم تلا وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى الْآيَةَ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ عُبَيْدَةَ مِثْلَهُ وَقَالَ لَوْلَا هَذِهِ الْآيَةُ لَكَانَتْ هَذِهِ الشَّاةُ مِنْ مَالِي وَذَكَرَ أَنَّهُ كَانَ مِنْ مال يتيم قد وليه وَرَوَى هُشَيْمٌ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ هَذِهِ الْآيَةُ يَتَهَاوَنُ بِهَا النَّاسُ وَقَالَ هُمَا وَلِيَّانِ أَحَدُهُمَا يَرِثُ وَالْآخَرُ لَا يَرِثُ وَاَلَّذِي يَرِثُ هُوَ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَرْزُقَهُمْ وَيُعْطِيَهُمْ وَاَلَّذِي لَا يَرِثُ هُوَ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا وَيَقُولُ هَذَا الْمَالُ لِقَوْمٍ غُيَّبٍ أَوْ لِأَيْتَامٍ صِغَارٍ وَلَكُمْ فِيهِ حَقٌّ وَلَسْنَا نَمْلِكُ أَنْ نُعْطِيَ مِنْهُ شَيْئًا فَهَذَا القول المعرف قَالَ هِيَ مُحْكَمَةٌ وَلَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةِ فَحَمَلَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَوْلَهُ فَارْزُقُوهُمْ عَلَى أَنَّهُمْ يُعْطُونَ أنصباءهم من الميراث والقول المعرف لِلْآخَرِينَ فَكَانَتْ فَائِدَةُ الْآيَةِ عِنْدَهُ إنْ حَضَرَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ وَفِيهِمْ غَائِبٌ أَوْ صَغِيرٌ أَنَّهُ يُعْطَى الْحَاضِرُ نَصِيبَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَيُمْسَكُ نَصِيبُ الْغَائِبِ وَالصَّغِيرِ فَإِنْ صَحَّ هَذَا التَّأْوِيلُ فَهُوَ حُجَّةٌ لَقَوْلِ مَنْ يَقُولُ فِي الْوَدِيعَةِ إذَا كَانَتْ بَيْنَ رَجُلَيْنِ وَغَابَ أَحَدُهُمَا أَنَّ لِلْحَاضِرِ أَنْ يَأْخُذَ نَصِيبَهُ وَيُمْسِكَ الْمُودَعُ نَصِيبَ الْغَائِبِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُف وَمُحَمَّدٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ لَا يُعْطَى أَحَدُ الْمُودِعَيْنِ شَيْئًا إذَا كَانَا شَرِيكَيْنِ فِيهِ حَتَّى يَحْضُرَ الْآخَرُ وَرَوَى عَطَاءٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً قَالَ يَقُولُ عِدَّةٌ جَمِيلَةٌ إنْ كَانَ الْوَرَثَةُ صِغَارًا يَقُولُ أَوْلِيَاءُ الْوَرَثَةِ لِهَؤُلَاءِ الَّذِينَ لَا يَرِثُونَ مِنْ قَرَابَةِ الْمَيِّتِ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ إنَّ هَؤُلَاءِ الْوَرَثَةَ صِغَارٌ فَإِذَا بَلَغُوا أَمَرْنَاهُمْ أَنْ يعرفوا حكم وَيَتَّبِعُوا فِيهِ وَصِيَّةَ رَبِّهِمْ فَحَصَلَ اخْتِلَافُ السَّلَفِ فِي ذَلِكَ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَأَبُو مَالِكٍ وَأَبُو صَالِحِ إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِالْمِيرَاثِ وَالثَّانِي رِوَايَةُ عِكْرِمَة عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَوْلُ عَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَالشَّعْبِيِّ وَإِبْرَاهِيم وَمُجَاهِدٍ أَنَّهَا ثَابِتَةُ الْحُكْمِ غَيْرُ مَنْسُوخَةٍ وَهِيَ فِي الْمِيرَاثِ وَالثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلٌ ثَالِثٌ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهَا فِي وَصِيَّةِ الْمَيِّتِ لِهَؤُلَاءِ مَنْسُوخَةٌ عَنْ الْمِيرَاثِ وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ هَذَا شَيْءٌ أَمَرَ بِهِ الْمُوصِي فِي الْوَقْتِ الَّذِي يُوصِي فِيهِ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعافاً قَالَ يَقُولُ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ اتَّقِ اللَّهَ وَصِلْهُمْ وَبِرَّهُمْ وَأَعْطِهِمْ وَالرَّابِعُ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي بِشْرٍ عَنْهُ أَنَّ قوله فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ هُوَ الْمِيرَاثُ نَفْسُهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً لِغَيْرِ أَهْلِ الْمِيرَاثِ فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ فَإِنَّهُ كَانَ عِنْدَهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ قَبْلَ نزول الميراث «٢٤- أحكام في»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute