للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد قال حدثنا عمرو بن عون قال أخبرنا هُشَيْمٌ عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ عَنْ يَزِيدَ الْقَارِي قَالَ سَمِعْت ابْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قُلْت لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا حَمَلَكُمْ عَلَى أَنْ عَمَدْتُمْ إلَى بَرَاءَةَ وَهِيَ مِنْ الْمَئِينِ وَإِلَى الْأَنْفَالِ وَهِيَ الْمَثَانِي فَجَعَلْتُمُوهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ وَلَمْ تَكْتُبُوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ عُثْمَانُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَاتُ فَيَدْعُو بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ لَهُ فَيَقُولُ ضَعْ هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا وَيَنْزِلُ عَلَيْهِ الْآيَةُ وَالْآيَتَانِ فَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ

وَكَانَتْ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَكَانَتْ بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ مَا نَزَلَ مِنْ الْقُرْآنِ وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا فَظَنَنْت أَنَّهَا مِنْهَا فَمِنْ هُنَاكَ وَضَعْتُهُمَا فِي السَّبْعِ الطِّوَالِ وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ الله الرحمن الرحيم فَأَخْبَرَ عُثْمَانُ أَنَّ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ لَمْ يَكُنْ مِنْ السُّورَةِ وَأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَكْتُبُهَا فِي فَصْلِ السُّورَةِ بَيْنَهَا وَبَيْن غَيْرِهَا لَا غَيْرُ وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَتْ مِنْ السُّوَرِ وَمِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ لَعَرَفَتْهُ الْكَافَّةُ بِتَوْقِيفٍ مِنْ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهَا مِنْهَا كَمَا عَرَفَتْ مَوَاضِعَ سَائِرِ الْآيِ مِنْ سُورِهَا وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِيهَا وَذَلِكَ أَنَّ سَبِيلَ الْعِلْمِ بِمَوَاضِعِ الْآيِ كَهُوَ بِالْآيِ نَفْسِهَا فَلَمَّا كَانَ طَرِيقُ إثْبَاتِ الْقُرْآنِ نَقْلَ الْكَافَّةِ دُونَ نَقْلِ الْآحَادِ وَجَبَ أن يكون كَذَلِكَ حُكْمُ مَوَاضِعِهِ وَتَرْتِيبِهِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ إزَالَةُ تَرْتِيبِ آيِ الْقُرْآنِ ولا نقل شيء منه عن مواضعه إلَى غَيْرِهِ فَإِنَّ فَاعِلَ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ رَامَ إزَالَتَهُ وَرَفْعَهُ فَلَوْ كَانَتْ بِسْمِ اللَّهِ الرحمن الرحيم مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ لَعَرَفَتْ الْكَافَّةُ مَوْضِعَهَا مِنْهَا كَسَائِرِ الْآيِ وَكَمَوْضِعِهَا مِنْ سُورَةِ النَّمْلِ فَلَمَّا لَمْ نَرَهُمْ نَقَلُوا ذَلِكَ إلَيْنَا مِنْ طَرِيقِ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ لَمْ يَجُزْ لَنَا إثْبَاتُهَا فِي أَوَائِلِ السُّوَرِ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ قَدْ نَقَلُوا إلَيْنَا جَمِيعَ مَا فِي الْمُصْحَفِ عَلَى أَنَّهُ الْقُرْآنُ وَذَلِكَ كَافٍ فِي إثْبَاتِهَا مِنْ السُّوَرِ فِي مَوَاضِعَهَا الْمَذْكُورَةِ فِي الْمُصْحَفِ قِيلَ لَهُ إنَّمَا نَقَلُوا إلَيْنَا كَتْبَهَا فِي أَوَائِلهَا وَلَمْ يَنْقُلُوا إلَيْنَا أَنَّهَا مِنْهَا وَإِنَّمَا الْكَلَامُ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ فِي أَنَّهَا مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ الَّتِي هِيَ مَكْتُوبَةٌ فِي أَوَائِلَهَا وَنَحْنُ نَقُولُ بِأَنَّهَا مِنْ الْقُرْآنِ أُثْبِتَتْ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ لَا عَلَى أَنَّهَا مِنْ السُّوَرِ وَلَيْسَ إيصَالُهَا بِالسُّورَةِ فِي الْمُصْحَفِ وَقِرَاءَتُهَا مَعَهَا مُوجِبَيْنِ أَنْ يَكُونَ مِنْهَا لِأَنَّ الْقُرْآنَ كُلَّهُ بَعْضُهُ مُتَّصِلٌ ببعض وما قيل بسم الله الرحمن الرحيم مُتَّصِلٌ بِهَا وَلَا يَجِبُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ سُورَةً وَاحِدَةً فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ لَمَّا نُقِلَ إلَيْنَا الْمُصْحَفُ وَذَكَرُوا أَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الْقُرْآنُ عَلَى نِظَامِهِ وَتَرْتِيبِهِ فَلَوْ لَمْ تَكُنْ مِنْ أَوَائِلِ السُّوَرِ مَعَ النَّقْلِ الْمُسْتَفِيضِ لَبَيَّنُوا ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>