للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ فَمَا تَرَكْت لَوَلَدِك قَالَ هُمْ أَغْنِيَاءُ قَالَ أَوْصِ بِالْعَشْرِ فَمَا زِلْتُ أُنَاقِصُهُ وَيُنَاقِصُنِي حَتَّى قَالَ أَوْصِ بِالثُّلُثِ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ

قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَنَحْنُ نَسْتَحِبُّ أن تنقص مِنْ الثُّلُثِ

لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ

فَذَكَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ أَوْصَيْت بِمَالِي كُلِّهِ وَهَذَا لَا يَنْفِي مَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ مِنْ الصَّدَقَةِ فِي الْمَرَضِ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ لِمَا مَنَعَهُ الْوَصِيَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ ظَنَّ أَنَّ الصَّدَقَةَ جَائِزَةٌ فِي الْمَرَضِ فَسَأَلَهُ عَنْهَا فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ حُكْمَ الصَّدَقَةِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي وُجُوبِ الِاقْتِصَارِ بِهَا عَلَى الثُّلُثِ وَهُوَ نَظِيرُ حَدِيثِ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ فِي الرَّجُلِ الَّذِي أَعْتَقَ سِتَّةَ أَعْبُدٍ لَهُ عِنْدَ مَوْتِهِ وَفِيهِ إنَّ الرَّجُلَ مَأْجُورٌ فِي النَّفَقَةِ عَلَى أَهْلِهِ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَنْ وَهَبَ لِامْرَأَتِهِ هِبَةً لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا لِأَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَوْجَبَ بِهَا الثَّوَابَ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ نَظِيرُ مَا

رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ إذَا أَعْطَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ عَطِيَّةً فَهِيَ لَهُ صَدَقَةٌ

وَقَوْلُ سَعْدٍ أَتَخَلَّفُ عَنْ هِجْرَتِي عَنَى بِهِ أَنَّهُ يَمُوتُ بِمَكَّةَ وَهِيَ دَارُهُ الَّتِي هَاجَرَ مِنْهَا إلَى الْمَدِينَة

وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى الْمُهَاجِرِينَ أَنْ يُقِيمُوا بَعْدَ النَّفْرِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ

فَأَخْبَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ يَتَخَلَّفُ بَعْدَهُ حَتَّى يُنَفِّعَ اللَّهُ به أقواما ويضربه آخَرِينَ وَكَذَلِكَ كَانَ فَإِنَّهُ بَقِيَ بَعْدَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدِهِ بِلَادِ الْعَجَمِ وَأَزَالَ بِهِ مُلْكَ الْأَكَاسِرَةِ وَذَلِكَ مِنْ عُلُومِ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُ اللَّهِ تَعَالَى

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدُ اللَّهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَاتِمٍ الْعِجْلِيّ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى ابن وَاصِلٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ صَبِيحٍ قَالَ حَدَّثَنَا مُبَارَكُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ حَدَّثَنَا نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ حَاكِيًا عَنْ اللَّهِ تَعَالَى أَنَّهُ قَالَ يَا ابْنَ آدَمَ اثْنَتَانِ لَيْسَتْ لَك وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا جَعَلْت لَك نَصِيبًا فِي مَالِك حِينَ أَخَذْت بِكَظْمِكَ لِأُطَهِّركَ وَأُزَكِّيَكَ وَصَلَاةُ عِبَادِي عَلَيْك بَعْدَ انْقِضَاءِ أَجَلِك

فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا أَنَّ لَهُ بَعْضَ الْمَالِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَا جَمِيعَهُ

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ النَّطَّاحِ قَالَ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ قَالَ سَمِعْت طَلْحَةَ بْنَ عَمْرٍو قَالَ حَدَّثَنَا عَطَاءُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وَسَلَّمَ إنَّ اللَّهَ أَعْطَاكُمْ ثُلُثَ أَمْوَالِكُمْ فِي آخِرِ أَعْمَارِكُمْ زِيَادَةً فِي أَعْمَالِكُمْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَهَذِهِ الْأَخْبَارُ الْمُوجِبَةُ لِلِاقْتِصَارِ بِالْوَصِيَّةِ عَلَى الثُّلُثِ عِنْدَنَا فِي حَيِّزِ التَّوَاتُرِ الْمُوجِبِ لِلْعِلْمِ لِتَلَقِّي النَّاسِ إيَّاهَا بِالْقَبُولِ وَهِيَ مُبَيِّنَةٌ لِمُرَادِ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْوَصِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ أَنَّهَا مَقْصُورَةٌ عَلَى الثُّلُثِ وقَوْله تَعَالَى مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>