الْمُسْلِمِينَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ يَقْتَضِي تَوْرِيثَ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُرْتَدِّ إذْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَبَيْنَ الْمُرْتَدِّ فَإِنْ قِيلَ يَخُصُّهُ حَدِيثُ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ كَمَا خَصَّ تَوْرِيثَ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَخْبَارِ الْآحَادِ فَقَدْ تَلَقَّاهُ النَّاسُ بِالْقَبُولِ وَاسْتَعْمَلُوهُ فِي مَنْعِ تَوْرِيثِ الْكَافِرِ مِنْ الْمُسْلِمِ فَصَارَ فِي حَيِّزِ الْمُتَوَاتِرِ وَلِأَنَّ آيَةَ الْمَوَارِيثِ خَاصَّةً بِالِاتِّفَاقِ وَأَخْبَارُ الْآحَادِ مَقْبُولَةٌ فِي تَخْصِيصِ مِثْلِهَا قِيلَ لَهُ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ حَدِيثِ أُسَامَةَ لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُرَادَ إسْقَاطُ التَّوَارُثِ بَيْنَ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ وَلَيْسَتْ الرِّدَّةُ بِمِلَّةٍ قَائِمَةٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ ارْتَدَّ إلَى النَّصْرَانِيَّةِ أَوْ الْيَهُودِيَّةِ فَغَيْرُ مُقِرٍّ عَلَيْهَا فَلَيْسَ هُوَ مَحْكُومًا لَهُ بِحُكْمِ أَهْلِ الْمِلَّةِ الَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهَا أَلَا تَرَى أَنَّهُ وَإِنْ انْتَقَلَ إلَى مِلَّةِ الْكِتَابِيِّ أَنَّهُ لَا تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً لَمْ يَجُزْ نِكَاحُهَا فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الرِّدَّةَ لَيْسَتْ بِمِلَّةٍ وَحَدِيثُ أُسَامَةَ مَقْصُورٌ فِي مَنْعِ التَّوَارُثِ بَيْنَ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ
فِي حَدِيثٍ مُفَسَّرٍ وَهُوَ مَا رَوَاهُ هُشَيْمٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عَنْ عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم لَا يَتَوَارَثُ أَهْلُ مِلَّتَيْنِ شَتَّى لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ وَلَا الْكَافِرُ الْمُسْلِمَ
فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ مُرَادَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ هُوَ مَنْعُ التَّوَارُثِ بَيْنَ أَهْلِ مِلَّتَيْنِ وَأَيْضًا فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ مِنْ أَصْلِهِ أَنَّ مِلْكَ الْمُرْتَدِّ يَزُولُ بِالرِّدَّةِ فَإِذَا قتل أو مات انتقل إلى التوارث وَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ لَا يُجِيزُ تَصَرُّفَ الْمُرْتَدِّ فِي مَالِهِ الَّذِي اكْتَسَبَهُ فِي حَالِ الْإِسْلَامِ وَإِذَا كَانَ هَذَا أَصْلَهُ فَهُوَ لَمْ يُوَرِّثُ مُسْلِمًا مِنْ كَافِرٍ لِأَنَّ مِلْكَهُ زَالَ عَنْهُ فِي آخِرِ الْإِسْلَامِ وَإِنَّمَا وَرَّثَ مُسْلِمًا مِمَّنْ كان مسلما فإن قبل فَإِذًا يَكُونُ قَدْ وَرَّثْتَهُ مِنْهُ وَهُوَ حَيٌّ قِيلَ لَهُ لَيْسَ يَمْتَنِعُ تَوْرِيثُ الْحَيِّ قَالَ الله تعالى وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَكَانُوا أَحْيَاءً وَعَلَى أَنَّا إنَّمَا نَقَلْنَا الْمَالَ إلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَيْسَ فِيهِ تَوْرِيثُ الْحَيِّ وَيُقَالُ لِلسَّائِلِ عَنْ ذَلِكَ وَأَنْتَ إذَا جَعَلْت مَالَهُ لِبَيْتِ الْمَالِ فَقَدْ وَرَّثْت مِنْهُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ كَافِرٌ وَوَرَّثْتهمْ مِنْهُ وَهُوَ حي إذا لحق بدار الحرب مرتد وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا كَانُوا إنَّمَا يَسْتَحِقُّونَ مَالَهُ بِالْإِسْلَامِ فَقَدْ اجْتَمَعَ لِلْوَرَثَةِ الْقَرَابَةُ وَالْإِسْلَامُ وَجَبَ أَنْ يَكُونُوا أَوْلَى بِمَالِهِ لِاجْتِمَاعِ السَّبَبَيْنِ لَهُمْ وَانْفِرَادِ الْمُسْلِمِينَ بِأَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ وَالسَّبَبَانِ اللَّذَانِ اجْتَمَعَا لِلْوَرَثَةِ هُوَ الْإِسْلَامُ وَقُرْبُ النَّسَبِ فأشبه سَائِرَ الْمَوْتَى مِنْ الْمُسْلِمِينَ لِمَا كَانَ مَالُهُ مُسْتَحَقًّا لِلْمُسْلِمِينَ كَانَ مَنْ اجْتَمَعَ لَهُ قُرْبُ النَّسَبِ مَعَ الْإِسْلَامِ أَوْلَى مِمَّنْ بَعْدَ نَسَبِهِ منه وإن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute