فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ السَّبِيلَ الَّذِي جعله الْجَلْدُ لِغَيْرِ الْمُحْصَنِ وَالرَّجْمُ لِلْمُحْصَنِ وَعَنْ قَتَادَةَ مِثْلُ ذَلِكَ وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي بَعْضِ الروايات أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أَوْ يَضَعْنَ مَا فِي بُطُونِهِنَّ وَهَذَا لَا مَعْنَى لَهُ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ عَامًّا فِي الْحَامِلِ وَالْحَائِلِ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ السَّبِيلُ مَذْكُورًا لَهُنَّ جَمِيعًا وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِيمَا نَسَخَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ فَقَالَ قَائِلُونَ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وقد كان قوله تعالى وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فِي الْبِكْرَيْنِ فَنُسِخَ ذَلِكَ عَنْهُمَا بِالْجَلْدِ الْمَذْكُورِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَبَقِيَ حُكْمُ الثَّيِّبِ مِنْ النِّسَاءِ الْحَبْسُ فَنُسِخَ بِالرَّجْمِ وَقَالَ آخَرُونَ نُسِخَ بحديث عبادة ابن الصَّامِتِ وَهُوَ مَا
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حدثنا جعفر بن محمد بن اليمان قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو النصر عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْبِكْرُ تُجْلَدُ وَتُنْفَى وَالثَّيِّبُ تُجْلَدُ وَتُرْجَمُ
وَهَذَا هو صحيح وَذَلِكَ لِأَنَّ
قَوْلَهُ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا
يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلسَّبِيلِ الْمَذْكُورِ فِي الْآيَةِ وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْحَبْسِ وَالْأَذَى وَاسِطَةُ حُكْمٍ وَأَنَّ آيَةَ الْجَلْدِ الَّتِي فِي سُورَةِ النُّورِ لَمْ تَكُنْ نَزَلَتْ حِينَئِذٍ لَأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نَزَلَتْ كَانَ السَّبِيلُ مُتَقَدِّمًا لِقَوْلِهِ خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا وَلَمَّا صَحَّ أَنْ يَقُولَ ذَلِكَ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُوجِبَ لِنَسْخِ الحبس والأذى وقول النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ وَأَنَّ آيَةَ الْجَلْدِ نَزَلَتْ بَعْدَهُ وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى نَسْخِ القرآن بالسنة إذ نسخ
بقوله خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا
مَا أَوْجَبَ اللَّهُ مِنْ الْحَبْسِ وَالْأَذَى بِنَصِّ التنزيل فإن قيل فقوله تعالى وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ وَمَا ذُكِرَ فِي الْآيَتَيْنِ مِنْ الْحَبْسِ وَالْأَذَى كَانَ فِي الْبِكْرَيْنِ دُونَ الثَّيِّبَيْنِ قِيلَ لَهُ لَمْ يَخْتَلِفْ السَّلَفُ فِي أَنَّ حُكْمَ الْمَرْأَةِ الثَّيِّبِ كَانَ الْحَبْسَ وَإِنَّمَا قَالَ السُّدِّيُّ إنَّ الْأَذَى كَانَ فِي الْبِكْرَيْنِ خَاصَّةً وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ السَّبِيلِ الْمَذْكُورِ فِي آيَةِ الْحَبْسِ وَذَلِكَ لَا مَحَالَةَ فِي الثَّيِّبِ فَأَوْجَبَ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا
بِقَوْلِهِ الثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ
فَلَمْ يَخْلُ الْحَبْسُ مِنْ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوخًا فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ بِغَيْرِ الْقُرْآنِ وَهِيَ الْأَخْبَارُ الَّتِي فِيهَا إيجَابُ رَجْمِ الْمُحْصَنِ فَمِنْهَا حَدِيثُ عُبَادَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا
وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ وَعَائِشَةَ وَعُثْمَانَ حِين كَانَ مَحْصُورًا فَاسْتَشْهَدَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute