مَا هُوَ أَغْلَظُ مِنْ إيجَابِ الْمَالِ وَعَلَى أَنَّ الْمَالَ وَالْحَدَّ يَتَعَاقَبَانِ عَلَى الْوَطْءِ لِأَنَّهُ مَتَى وَجَبَ الْحَدُّ لَمْ يَجِبْ الْمَهْرُ وَمَتَى وَجَبَ الْمَهْرُ لَمْ يَجِبْ الْحَدُّ فَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَخْلُفُ الْآخَرَ فَإِذَا وَجَبَ الْحَدُّ فَذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَ الْمَالِ فِيمَا تَعَلَّقَ بِالْوَطْءِ مِنْ الْحُكْمِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ احْتَجَّ مُحْتَجٌّ بِمَا
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ اللَّيْثِ الْجَزَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بُهْلُولٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَافِعٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ بن إسماعيل بن أيوب ابن سَلَمَةَ الزُّهْرِيُّ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الرَّجُلِ يَتْبَعُ الْمَرْأَةَ حَرَامًا أَيَنْكِحُ أُمَّهَا أَوْ يَتْبَعُ الْأُمَّ حَرَامًا أَيَنْكِحُ ابْنَتَهَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ إنَّمَا يَحْرُمُ مَا كَانَ بِنِكَاحٍ
وَبِمَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ
وَرَوَى عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُفْسِدُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ
فَإِنَّ هَذِهِ الْأَخْبَارَ بَاطِلَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَة وَرُوَاتُهَا غَيْرُ مَرْضِيِّينَ أَمَّا الْمُغِيرَةُ بْنُ إسْمَاعِيلَ فَمَجْهُولٌ لَا يُعْرَفُ لَا يَجُوزُ ثُبُوتُ شَرِيعَةٍ بِرِوَايَتِهِ لَا سِيَّمَا فِي اعْتِرَاضِهِ عَلَى ظَاهِرِ الْقُرْآنِ وَإِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَرْوِيُّ مَطْعُونٌ فِي رِوَايَتِهِ وَكَذَلِكَ عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ وَلَوْ ثَبَتَ لَمْ يَدُلَّ عَلَى قَوْلِ الْمُخَالِفِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الْأَوَّلَ إنَّمَا ذُكِرَ فِيهِ الرجل ويتبع الْمَرْأَةَ وَلَيْسَ فِيهِ ذِكْرُ الْوَطْءِ فَكَانَ
قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَحْرُمُ إلَّا ما كان بنكاح
جوابا عما سأله من اتِّبَاعِ الْمَرْأَةِ وَذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ بِأَنْ يُتْبِعَهَا نفسه فيكون منه نظرا إليها مُرَاوَدَتُهَا عَلَى الْوَطْءِ وَلَيْسَ فِيهِ إثْبَاتُ الْوَطْءِ فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ لَا يُوجِبُ تَحْرِيمًا وَأَنَّهُ لَا يَقَعُ بِمِثْلِهِ التَّحْرِيمُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمَا عَقْدُ نِكَاحٍ وَلَيْسَ فِيهِ لِلْوَطْءِ ذِكْرٌ
وَقَوْلُهُ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ
إنَّمَا هُوَ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ اتِّبَاعِ الْمَرْأَةِ مِنْ غَيْرِ وَطْءٍ وَأَمَّا
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلُهُ لَا يُحَرِّمُ الْحَرَامُ الْحَلَالَ
فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ بِعَيْنِهَا إنْ صَحَّتْ فَكَانَ جَوَابًا لِمَا سُئِلَ عَنْهُ مِنْ النَّظَرِ وَالْمُرَاوَدَةِ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ وَتَكُونُ فَائِدَتُهُ إزَالَةَ تَوَهُّمِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ النَّظَرَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ لِمَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أنه قال زِنَا الْعَيْنَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا الرِّجْلَيْنِ الْمَشْيُ
فَكَانَ جائز أَنْ يَظُنَّ ظَانٌّ أَنَّ النَّظَرَ بِانْفِرَادِهِ يُحَرِّمُ كَمَا يُحَرِّمُ الْوَطْءُ لِتَسْمِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إيَّاهُ زِنًا فَأَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُحَرِّمُ وَأَنَّ التَّحْرِيمَ إذَا لَمْ تَكُنْ مُلَامَسَةٌ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ بِالْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَسِيسٌ وَإِذَا