للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّحْرِيمِ بِالرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ لِتَسْوِيَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم بينهما فيما علق بهما حُكْمِ التَّحْرِيمِ وَاحْتَجَّ مَنْ اعْتَبَرَ خَمْسَ رَضَعَاتٍ بِمَا

رَوَتْ عَائِشَةُ وَابْنُ الزُّبَيْرِ وَأُمُّ الْفَضْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تُحَرِّمُ الْمَصَّةُ وَلَا الْمَصَّتَانِ

وَبِمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ كَانَ فِيمَا أُنْزِلَ من القرآن عشر رضعات فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ فِيمَا يُقْرَأُ مِنْ الْقُرْآنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَهَذِهِ الْأَخْبَارُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِرَاضُ بِهَا عَلَى ظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى وَأُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَواتُكُمْ مِنَ الرَّضاعَةِ لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ مَا لَمْ يَثْبُتُ خُصُوصُهُ مِنْ ظَوَاهِرِ الْقُرْآنِ وَكَانَ ظَاهِرَ الْمَعْنَى بَيِّنَ الْمُرَادِ لَمْ يَجُزْ تَخْصِيصُهُ بِأَخْبَارِ الْآحَادِ فَهَذَا أَحَدُ الْوُجُوهِ الَّتِي تُسْقِطُ الِاعْتِرَاضَ بِهَذَا الْخَبَرِ وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ مَا حَدَّثَ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ قَالَ حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن سعيد قال حدثنا أبو خالد عَنْ حَجَّاجٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عن الرضاع فقال إنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ قَالَ قَدْ كَانَ ذَاكَ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَالرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ تُحَرِّمُ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ شُجَاعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ طَاوُسٍ قَالَ اُشْتُرِطَتْ عَشْرُ رَضَعَاتٍ ثُمَّ قِيلَ الرَّضْعَةُ الْوَاحِدَةُ تُحَرِّمُ فَقَدْ عَرَفَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَطَاوُسٌ خَبَرَ الْعَدَدِ فِي الرَّضَاعِ وَأَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِالتَّحْرِيمِ بِالرَّضْعَةِ الْوَاحِدَةِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ التَّحْدِيدُ كَانَ مَشْرُوطًا فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ وَهُوَ مَنْسُوخٌ عِنْدَ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ فَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ تَحْدِيدُ الرَّضَاعِ كَانَ فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ فَلَمَّا نُسِخَ سَقَطَ التَّحْدِيدُ إذْ كَانَ مَشْرُوطًا فِيهِ وَأَيْضًا يُلْزِمُ الشَّافِعِيُّ إيجَابَ التَّحْرِيمِ بِثَلَاثِ رَضَعَاتٍ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ لَا تُحَرِّمُ الرَّضْعَةُ وَلَا الرَّضْعَتَانِ عَلَى إيجَابِ التَّحْرِيمِ فِيمَا زَادَ عَلَى أَصْلِهِ فِي الْمَخْصُوصِ بِالذِّكْرِ وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ فَغَيْرُ جَائِزٍ اعْتِقَادُ صِحَّتِهِ عَلَى مَا وَرَدَ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا ذَكَرَتْ أَنَّهُ كان فيما أنزل من القرآن عشر فَنُسِخْنَ بِخَمْسٍ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ وَهُوَ مِمَّا يُتْلَى وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُجِيزُ نَسْخَ الْقُرْآنِ بَعْدَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَوْ كَانَ ثَابِتًا لَوَجَبَ أَنْ تَكُونَ التِّلَاوَةُ مَوْجُودَةً فَإِذَا لَمْ تُوجَدْ بِهِ التِّلَاوَةُ وَلَمْ يَجُزْ النَّسْخُ بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَخْلُ ذَلِكَ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ مَدْخُولًا فِي الْأَصْلِ غَيْرَ ثَابِتِ الْحُكْمِ أَوْ يَكُونَ إنْ كَانَ ثَابِتًا فَإِنَّمَا نُسِخَ فِي حَيَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا كَانَ مَنْسُوخًا فَالْعَمَلُ بِهِ سَاقِطٌ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كان تحديد الرضاع الْكَبِيرِ وَقَدْ كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ بِهِ فِي إيجَابِ التَّحْرِيمِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>