بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ تَضْمِينٍ لَهُ بِغَيْرِهِ وَلَا حَمَلَهُ عَلَيْهِ وَجَبَ إجْرَاؤُهُ عَلَى مُقْتَضَى لَفْظِهِ دُونَ تَعْلِيقِهِ بِغَيْرِهِ فَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ جُمْلَةً مُكْتَفِيَةً بِنَفْسِهَا يَقْتَضِي عُمُومُهَا تَحْرِيمَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ مَعَ وُجُودِ الدُّخُولِ وَعَدَمِهِ وَكَانَ قَوْله تَعَالَى وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ جُمْلَةً قَائِمَةً بِنَفْسِهَا عَلَى مَا فِيهَا مِنْ شَرْطِ الدُّخُولِ لَمْ يَجُزْ لَنَا بِنَاءُ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ عَلَى الْأُخْرَى بَلْ الْوَاجِبُ إجْرَاءُ الْمُطْلَقِ مِنْهُمَا عَلَى إطْلَاقِهِ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى تَقْيِيدِهِ وَشَرْطُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى أَنَّ إحْدَاهُمَا مبنية عن الْأُخْرَى مَحْمُولَةٌ عَلَى شَرْطِهَا وَأُخْرَى وَهِيَ أَنَّ قَوْله تَعَالَى وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ يَجْرِي هَذَا الشَّرْطُ مَجْرَى الِاسْتِثْنَاءِ تَقْدِيرُهُ وَرَبَائِبُكُمْ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ إلَّا اللَّاتِي لَمْ تَدْخُلُوا بِهِنَّ لِأَنَّ فِيهِ إخْرَاجُ بَعْضِ مَا انْتَظَمَهُ الْعُمُومُ فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ وَكَانَ مِنْ حُكْمِ الِاسْتِثْنَاءِ عَوْدُهُ إلَى مَا يَلِيهِ إلَّا أَنْ تَقُومَ الدَّلَالَةُ عَلَى رُجُوعِهِ إلَى مَا تَقَدَّمَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ مَقْصُورًا عَلَى الرَّبَائِبِ وَلَمْ يَجُزْ رَدُّهُ إلَى مَا تَقَدَّمَهُ إلَّا بِدَلَالَةٍ وَأُخْرَى وَهِيَ أَنَّ شَرْطَ الدُّخُولِ تَخْصِيصٌ لِعُمُومِ اللَّفْظِ
وَهُوَ لَا مَحَالَةَ مُسْتَعْمَلٌ فِي الرَّبَائِبِ وَرُجُوعُهُ إلَى أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ مَشْكُوكٌ فِيهِ وَغَيْرُ جَائِزٍ تَخْصِيصُ الْعُمُومِ بِالشَّكِّ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ عُمُومُ التَّحْرِيمِ فِي أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ مُقِرًّا عَلَى بَابِهِ وَأُخْرَى وَهِيَ أَنَّ إضْمَارَ شَرْطِ الدُّخُولِ لَا يَصِحُّ فِي أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ مُظْهِرًا لِأَنَّهُ لَا يَسْتَقِيمُ أَنْ يُقَالَ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ التي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ لِأَنَّ أُمَّهَاتِ نِسَائِنَا لَسْنَ مِنْ نِسَائِنَا وَالرَّبَائِبُ مِنْ نِسَائِنَا لِأَنَّ الْبِنْتَ مِنْ الْأُمِّ وَلَيْسَتْ الْأُمُّ مِنْ الْبِنْتِ فَلَمَّا لَمْ يَسْتَقِمْ الْكَلَامُ بِإِظْهَارِ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ فِي الشَّرْطِ لَمْ يَصِحَّ إضْمَارُهُ فِيهِ فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ قوله مِنْ نِسائِكُمْ إنَّمَا هُوَ مِنْ وَصْفِ الرَّبَائِبِ دُونَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَأَيْضًا فَلَوْ جَعَلْنَا قَوْلَهُ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ نَعْتًا لِأُمَّهَاتِ النِّسَاءِ وَجَعَلْنَا تَقْدِيرَهُ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمْ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ لَخَرَجَ الرَّبَائِبُ مِنْ الْحُكْمِ وَصَارَ حُكْمُ الشَّرْطِ فِي أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ دُونَهُنَّ وَذَلِكَ خِلَافُ نَصِّ التَّنْزِيلِ فَثَبَتَ أَنَّ شَرْطَ الدُّخُولِ مَقْصُورٌ عَلَى الرَّبَائِبِ دُونَ أُمَّهَاتِ النِّسَاءِ
وَقَدْ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْبَاقِي بْنُ قَانِعٍ قَالَ حَدَّثَنَا إسماعيل ابن الْفَضْلِ قَالَ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ أَيُّمَا رَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً فَدَخَلَ بِهَا فَلَا يَحِلُّ لَهُ نكاح ابنتها
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute