للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ جَمْعُ أُخْتِهَا فِي هَذِهِ الْحَالِ مَعَ بَقَاءِ حُقُوقِ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ وَطْؤُهُ إيَّاهَا مُوجِبًا لِلْحَدِّ وَدَلِيلٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ تَحْرِيمُ نِكَاحِ الْأُخْتِ مِنْ طَرِيقِ الْجَمْعِ وَوَجَدْنَا تَحْرِيمَ نِكَاحِ زَوْجٍ آخَرَ إذَا كَانَتْ عِنْدَ زَوْجٍ مِنْ طَرِيقِ الْجَمْعِ ثُمَّ وَجَدْنَا العدة تمنع من الجمع ما تمنع نَفْسُ النِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الزَّوْجُ مَمْنُوعًا مِنْ تَزْوِيجِ أُخْتِهَا فِي عِدَّتِهَا كَمَا مُنِعَ ذَلِكَ فِي حَالِ بَقَاءِ نِكَاحِهَا إذْ كَانَتْ الْعِدَّةُ تَمْنَعُ مِنْ الْجَمْعِ مَا يَمْنَعُهُ نَفْسُ النِّكَاحِ كَمَا جَرَتْ الْعِدَّةُ مَجْرَى النِّكَاحِ فِي بَابِ مَنْعِهَا مِنْ نِكَاحِ زَوْجٍ آخَرَ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا فَإِنْ قِيلَ هَذَا يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الرَّجُلُ فِي الْعِدَّةِ إذَا مَنَعْته مِنْ تَزْوِيجِ الْأُخْتِ حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا قِيلَ لَهُ لَيْسَ تَحْرِيمُ النِّكَاحِ مَقْصُورًا عَلَى الْعِدَّةِ حَتَّى إذَا مَنَعْنَاهُ مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهَا فَقَدْ جَعَلْنَاهُ فِي الْعِدَّةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ تَزَوَّجَ أُخْتِهَا إذَا كَانَتْ مُعْتَدَّةً مِنْهُ مِنْ طلاق رجعي ولم يوجب الرجل في العدة وكذلك قبل طلاق كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ مِنْ عَقْدِ نِكَاحٍ عَلَى الْأُخْتِ أَوْ لِزَوْجٍ آخَرَ وَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِي الْعِدَّةِ وقَوْله تَعَالَى إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ قَدْ ذَكَرْنَا مَعْنَى قَوْلِهِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ عِنْدَ ذِكْرِ قَوْله تَعَالَى وَلا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ وَاخْتِلَافُ الْمُخْتَلِفِينَ فِي تَأْوِيلِهِ وَاحْتِمَالِهِ لِمَا قِيلَ فِيهِ وَقَالَ تَعَالَى عِنْدَ ذِكْرِ تَحْرِيمِ الْجَمْعِ بين الأختين إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَحْتَمِلُ مِنْ الْمَعَانِي مَا احْتَمَلَهُ الْأَوَّلُ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِمَعْنًى آخَرَ لَا يَحْتَمِلُهُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعُقُودَ الْمُتَقَدِّمَةَ عَلَى الْأُخْتَيْنِ لَا تَنْفَسِخُ ويكون أَنْ يَخْتَارَ إحْدَاهُمَا وَيَدُلُّ عَلَيْهِ

حَدِيثُ أَبِي وَهْبٍ الْجَيَشَانِيِّ عَنْ الضَّحَّاكِ بْنِ فَيْرُوزَ الدَّيْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ أَسْلَمْت وَعِنْدِي أُخْتَانِ فَأَتَيْت النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ طَلِّقْ إحْدَاهُمَا وَفِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ طَلِّقْ أَيَّتَهُمَا شِئْت

فَلَمْ يَأْمُرْهُ بِمُفَارَقَتِهِمَا إنْ كَانَ الْعَقْدُ عَلَيْهِمَا مَعًا وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِمُفَارَقَةِ الْآخِرَةِ مِنْهُمَا إنْ كان تزوجهما في عقدين ولم يسئله عَنْ ذَلِكَ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى بَقَاءِ نِكَاحِهِ عَلَيْهِمَا بِقَوْلِهِ طَلِّقْ أَيَّتَهمَا شِئْت وَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ الْعَقْدَ عَلَيْهِمَا كَانَ صَحِيحًا قَبْلَ نُزُولِ التَّحْرِيمِ وَأَنَّهُمْ كَانُوا مُقَرِّينَ عَلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ عُقُودِهِمْ قَبْلَ قِيَامِ حُجَّةِ السمع ببطلانها واختلاف أهل العلم في الكافر يسلم وتحته أُخْتَانِ أَوْ خَمْسُ أَجْنَبِيَّاتٍ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَالثَّوْرِيُّ يَخْتَارُ الْأَوَائِلَ مِنْهُنَّ إنْ كان خَمْسًا وَإِنْ كَانَتَا أُخْتَيْنِ اخْتَارَ الْأُولَى وَإِنْ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عُقْدَةٍ وَاحِدَةٍ فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُنَّ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَمَالِكٌ وَاللَّيْثُ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالشَّافِعِيُّ يَخْتَارُ مِنْ الْخَمْسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>