ويونس عن أبن شهاب عن ابن عبد الملك مغيرة بْنِ نَوْفَلٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُتْعَةِ فَقَالَ ذَلِكَ السِّفَاحُ وَرُوِيَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كَانَ نِكَاحُ الْمُتْعَةِ بِمَنْزِلَةِ الزِّنَا فَإِنْ قِيلَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ الْمُتْعَةُ زِنًا لِأَنَّهُ لَمْ يَخْتَلِفْ أَهْلُ النَّقْلِ أَنَّ الْمُتْعَةَ قَدْ كَانَتْ مُبَاحَةً فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَبَاحَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُبِحْ اللَّهُ تَعَالَى الزِّنَا قَطُّ قِيلَ لَهُ لَمْ تَكُنْ زِنًا فِي وَقْتِ الْإِبَاحَةِ فَلَمَّا حَرَّمَهَا اللَّهُ تَعَالَى جَازَ إطْلَاقُ اسْمِ الزِّنَا عَلَيْهَا كَمَا
رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم أَنَّهُ قَالَ الزَّانِيَةُ هِيَ الَّتِي تُنْكِحُ نَفْسَهَا بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَأَيُّمَا عَبْدٍ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ مَوْلَاهُ فَهُوَ عَاهِرٌ
وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ التَّحْرِيمُ لَا حَقِيقَةُ الزِّنَا
وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَيْنَانِ تَزْنِيَانِ وَالرِّجْلَانِ تَزْنِيَانِ فَزِنَا الْعَيْنِ النَّظَرُ وَزِنَا الرِّجْلَيْنِ الْمَشْيُ
وَيُصَدِّقُ ذَلِكَ كله الفرج أو كذبه فَأَطْلَقَ اسْمَ الزِّنَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ عَلَى وجه المجاز إذا كَانَ مُحَرَّمًا فَكَذَلِكَ مَنْ أَطْلَقَ اسْمَ الزِّنَا عَلَى الْمُتْعَةِ فَإِنَّمَا أَطْلَقَهُ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ وَتَأْكِيدِ التَّحْرِيمِ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بن محمد بن اليمان قال حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْت أَبَا نَضْرَةَ يَقُولُ كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَأْمُرُ بِالْمُتْعَةِ وَكَانَ ابْنُ الزُّبَيْرِ يَنْهَى عَنْهَا قَالَ فَذَكَرْت ذَلِكَ لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ فَقَالَ عَلَى يَدَيَّ دَارَ الْحَدِيثُ تَمَتَّعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ قَالَ إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بِمَا شَاءَ فَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ وَانْتَهُوا عَنْ نِكَاحِ هَذِهِ النِّسَاءِ لَا أُوتَى بِرَجُلٍ نَكَحَ امْرَأَةً إلَى أَجَلٍ إلَّا رَجَمْته فَذَكَرَ عُمَرُ الرَّجْمَ فِي الْمُتْعَةِ وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ عَلَى جِهَةِ الْوَعِيدِ وَالتَّهْدِيدِ لِيَنْزَجِرَ النَّاسُ عَنْهَا وَقَالَ وَحَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَطَاءٌ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ رَحِمَ اللَّهُ عُمَرَ مَا كَانَتْ الْمُتْعَةُ إلَّا رَحْمَةً مِنْ اللَّهِ تَعَالَى رَحِمَ اللَّهُ بِهَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَوْلَا نَهْيُهُ لما احتاج إلى الزنا إلا شفا «١» فَاَلَّذِي حُصِّلَ مِنْ أَقَاوِيلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الْقَوْلُ بِإِبَاحَةِ الْمُتْعَةُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ لَهَا بِضَرُورَةٍ وَلَا غَيْرِهَا وَالثَّانِي أَنَّهَا كَالْمَيْتَةِ تَحِلُّ بِالضَّرُورَةِ وَالثَّالِثُ أَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ وَقَدْ قَدَّمْنَا ذِكْرَ سَنَدِهِ وَقَوْلُهُ أَيْضًا إنَّهَا مَنْسُوخَةٌ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى رُجُوعِهِ عَنْ إبَاحَتِهَا مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بن الحرث أَنَّ بُكَيْر بْنَ الْأَشَجِّ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَا إِسْحَاقَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ حَدَّثَهُ أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ كُنْت فِي سَفَرٍ وَمَعِي جَارِيَةٌ لِي وَلِي أَصْحَابٌ فَأَحْلَلْت جَارِيَتِي لأصحابى يستمتعون منها فقال
(١) قوله إلا شفا أى إلا قليل من الناس من قولهم غابت الشمس إلا شفا أى إلا قليلا من ضوئها عند غروبها.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute