للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً

وَالْمُتْعَةُ لَا تُوجِبُ عِدَّةَ الْوَفَاةِ وَقَالَ تَعَالَى وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ وَلَا تَوَارُثَ عِنْدَهُمْ فِي الْمُتْعَةِ فَهَذِهِ هِيَ أَحْكَامُ النِّكَاحِ الَّتِي يُخْتَصُّ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ رِقٌّ أَوْ كُفْرٌ يَمْنَعُ التَّوَارُثَ فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُتْعَةِ مَانِعٌ مِنْ الْمِيرَاثِ مِنْ أَحَدِهِمَا بِكُفْرٍ أَوْ رِقٍّ وَلَا سَبَبَ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ وَلَا مَانِعَ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ مَعَ كَوْنِ الرَّجُلِ مِمَّنْ يَسْتَفْرِشُ وَيَلْحَقُهُ الْأَنْسَابُ لَفِرَاشِهِ ثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ فَإِذَا خَرَجَتْ عَنْ أَنْ تَكُونَ نِكَاحًا أَوْ مِلْكَ يَمِينٍ كَانَتْ مُحَرَّمَةً بِتَحْرِيمِ اللَّهِ إيَّاهَا فِي قَوْلِهِ فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ فَإِنْ قِيلَ انْقِضَاءُ الْمُدَّةِ الْمُوجِبَةِ لِلْبَيْنُونَةِ هُوَ الطَّلَاقُ قِيلَ لَهُ إنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ إلَّا بِصَرِيحِ لَفْظٍ أَوْ كِنَايَةٍ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فَكَيْفَ يَكُونُ طَلَاقًا وَمَعَ ذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَى أَصْلِ هَذَا الْقَائِلِ أَنْ لَا تَبِينَ لَوْ انْقَضَتْ الْمُدَّةُ وَهِيَ حَائِضٌ لِأَنَّ الْقَائِلِينَ بِإِبَاحَةِ الْمُتْعَةِ لَا يَرَوْنَ طَلَاقَ الْحَائِضِ جَائِزًا فَلَوْ كَانَتْ الْبَيْنُونَةُ الْوَاقِعَةُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ طَلَاقًا لَوَجَبَ أَنْ لَا يَقَعَ فِي حَالِ الْحَيْضِ فَلَمَّا أَوْقَعُوا الْبَيْنُونَةَ الْوَاقِعَةَ بِمُضِيِّ الْوَقْتِ وَهِيَ حَائِضٌ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ وَإِنْ كَانَتْ تَبِينُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَلَا سَبَبٍ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ يُوجِبُ الْفُرْقَةَ ثَبَتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ فَإِنْ قِيلَ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ نَفْيِ النَّسَبِ وَالْعِدَّةِ وَالْمِيرَاثِ لَيْسَ انْتِفَاءُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ بِمَانِعٍ مِنْ أَنْ تَكُونَ نِكَاحًا لِأَنَّ الصَّغِيرَ لَا يَلْحَقُ بِهِ نَسَبٌ وَيَكُونُ نِكَاحُهُ صَحِيحًا وَالْعَبْدُ لَا يَرِثُ وَالْمُسْلِمُ لَا يَرِثُ الْكَافِرَ وَلَمْ يُخْرِجْهُ انْتِفَاءُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ عَنْهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ نِكَاحًا قِيلَ لَهُ إنَّ نِكَاحَ الصَّغِيرِ قَدْ تَعَلَّقَ به ثبوت النسب إذا صار في مِمَّنْ يَسْتَفْرِشُ وَيَتَمَتَّعُ وَأَنْتَ لَا تُلْحِقُهُ نَسَبَ وَلَدِهَا مَعَ الْوَطْءِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَلْحَقَ بِهِ النَّسَبُ فِي النِّكَاحِ وَالْعَبْدُ وَالْكَافِرُ إنَّمَا لَمْ يَرِثَا لِلرِّقِّ وَالْكُفْرِ وَهُمَا يَمْنَعَانِ التَّوَارُثَ بَيْنَهُمَا وَذَلِكَ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي الْمُتْعَةِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَهْلِ الْمِيرَاثِ مِنْ صَاحِبِهِ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا مَا يَقْطَعُ الْمِيرَاثَ ثُمَّ لَمْ يَرِثْ مَعَ وُجُودِ الْمُتْعَةِ عَلِمْنَا أَنَّ الْمُتْعَةَ لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ نِكَاحًا لَأَوْجَبَتْ الْمِيرَاثَ مَعَ وُجُودِ سَبَبِهِ مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ لَهُ مِنْ قِبَلِهِمَا وَأَيْضًا قد قال ابن عباس إنها ليست بِنِكَاحٍ وَلَا سِفَاحٍ فَإِذَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَدْ نَفَى عَنْهَا اسْمَ النِّكَاحِ وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ نِكَاحًا لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَكُنْ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْأَسْمَاءِ فِي الشَّرْعِ وَاللُّغَةِ فَإِذَا كَانَ هُوَ الْقَائِلَ بِالْمُتْعَةِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يَرَهَا نِكَاحًا وَنَفَى عَنْهَا الِاسْمَ ثَبَتَ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِنِكَاحٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>