قَالَ أَصْحَابُنَا إنَّهُ إذَا طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ كُلُّهَا مِنْ قِبَلِ أَنَّ الزِّيَادَةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً فِي الْعَقْدِ وَإِنَّمَا كَانَتْ مُلْحَقَةً بِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ بَقَاؤُهَا مَوْقُوفًا عَلَى سَلَامَةِ الْعَقْدِ أَوْ الدُّخُولِ بِالْمَرْأَةِ أَلَا تَرَى أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي الْبَيْعِ إنَّمَا تَلْحَقُ بِهِ عَلَى شَرْطِ بَقَاءِ الْعَقْدِ وَأَنَّهُ مَتَى بَطَلَ الْعَقْدُ بَطَلَتْ الزِّيَادَةُ فَكَذَلِكَ الزِّيَادَةُ فِي الْمَهْرِ فَإِنْ قِيلَ التَّسْمِيَةُ الْمَوْجُودَةُ فِي الْعَقْدِ إنَّمَا يَبْطُلُ بَعْضُهَا بِوُرُودِ الطَّلَاقِ عَلَيْهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَهَلَّا كَانَتْ الزِّيَادَةُ كَذَلِكَ إذْ كَانَتْ إذَا صَحَّتْ وَلَحِقَتْ بِهِ كَانَتْ بِمَنْزِلَةِ وُجُودِهَا فِيهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْمُسَمَّى فِيهِ قِيلَ لَهُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُسَمَّى فِي العقد يبطله كُلُّهُ أَيْضًا إذَا طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ لِبُطْلَانِ الْعَقْدِ الْمُسَمَّى فِيهَا كَهَلَاكِ الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ وَإِنَّمَا يَجِبُ النِّصْفُ عَلَى جِهَةِ الِاسْتِقْبَالِ كَالْمُتْعَةِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ أَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ وَقَدْ سَمَّى لَهَا إنَّ نِصْفَ الْمُسَمَّى هُوَ مُتْعَتُهَا وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيِّ وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَالُوا فِي شَاهِدَيْنِ شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَهُوَ يَجْحَدُ ثُمَّ رَجَعَا إنَّهُمَا يَضْمَنَانِ لِلزَّوْجِ نِصْفَ الْمَهْرِ الَّذِي غَرِمَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُسْقِطُ جَمِيعَ الْمَهْرِ وَالنِّصْفَ الَّذِي يَلْزَمُهُ فِي التَّقْدِيرِ كَأَنَّهُ دَيْنٌ مُسْتَأْنَفٌ أَلْزَمَاهُ بِشَهَادَتِهِمَا فَعَلَى هَذَا لَا يَخْتَلِفُ حُكْمُ الزِّيَادَةِ وَالتَّسْمِيَةِ فِي سُقُوطِهِمَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الدُّخُولِ فَإِنْ قِيلَ هَذَا التَّأْوِيلُ يُؤَدِّي إلَى مُخَالَفَةِ قَوْله تَعَالَى وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ لِأَنَّك قُلْت إنَّ الْجَمِيعَ يَسْقُطُ وَيَجِبُ النِّصْفُ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْنَافِ قِيلَ لَهُ لَيْسَ فِي الْآيَةِ نَفْيٌ لَأَنْ يَكُونَ النِّصْفُ الْوَاجِبُ بَعْدَ الطلاق مهرا على وجه الاستيناف وَإِنَّمَا فِيهِ وُجُوبُ نِصْفِ الْمَفْرُوضِ غَيْرِ مُقَيَّدٍ بِوَصْفٍ وَلَا شَرْطٍ وَنَحْنُ نُوجِبُ النِّصْفَ أَيْضًا فَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ وُجُوبِهِ فِي التَّقْدِيرِ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِئْنَافِ عَلَى أَنَّهُ مُتْعَتُهَا مُخَالَفَةٌ لِلْآيَةِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ يُسْقِطُ جَمِيعَ الزِّيَادَةِ أَنَّا قَدْ عَلَمِنَا أَنَّ الْعَقْدَ إذَا خَلَا مِنْ التَّسْمِيَةِ يُوجِبُ مَهْرَ الْمِثْلِ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَمْلِكَ الْبُضْعَ بِلَا بَدَلٍ ثُمَّ إذَا رَدَّ الطَّلَاقَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَسْقَطَهُ إذْ لَمْ يَكُنْ مُسَمًّى فِي العقد وكذلك الزِّيَادَةُ لِمَا لَمْ تَكُنْ مُسَمَّاةً فِي الْعَقْدِ وَجَبَ أَنْ يُسْقِطَهَا الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ وَإِنْ كَانَتْ قَدْ وَجَبَتْ بِإِلْحَاقِهَا بِالْعَقْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute