للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظَاهِرِ الْآيَةِ مُخَصِّصٌ لَهَا بِغَيْرِ دَلَالَةٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ فَأَلْزَمَ كُلَّ عَاقِدٍ الْوَفَاءَ بِمَا عَقَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَذَلِكَ عَقْدٌ قَدْ عَقَدَهُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى نَفْسِهِ فَيَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ وَفِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ نَفْيٌ لِلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ وَذَلِكَ خِلَافُ مُقْتَضَى الْآيَةِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ إلَى قَوْله تَعَالَى إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ ثُمَّ أَمَرَ عِنْدَ عَدَمِ الشُّهُودِ بِأَخْذِ الرَّهْنِ وَثِيقَةً بِالثَّمَنِ وَذَلِكَ مَأْمُورٌ بِهِ عِنْدَ عَقْدِهِ الْبَيْعَ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لِأَنَّهُ قَالَ تَعَالَى إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ فأمر بالكتاب عند عَقْدَهُ الْمُدَايَنَةَ قَدْ أَثْبَتَ الدَّيْنَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَقْدُ الْمُدَايَنَةِ مُوجِبًا لِلْحَقِّ عَلَيْهِ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ لَمَا قَالَ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلَمَا وَعَظَهُ بِالْبَخْسِ وَهُوَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْخِيَارِ لَهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَ الدَّيْنِ لِلْبَائِعِ فِي ذِمَّتِهِ وَفِي إيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى الْحَقَّ عَلَيْهِ بِعَقْدِ الْمُدَايَنَةِ فِي قَوْله تَعَالَى وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ دَلِيلٌ عَلَى نَفْيِ الْخِيَارِ وَإِيجَابِ الْبَتَاتِ ثُمَّ قال تعالى وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ تَحْصِينًا لِلْمَالِ وَاحْتِيَاطًا لِلْبَائِعِ مِنْ جُحُودِ الْمَطْلُوبِ أَوْ مَوْتِهِ قَبْلَ أَدَائِهِ ثُمَّ قَالَ تَعَالَى وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا وَلَوْ كَانَ لَهُمَا الْخِيَارُ قَبْلَ الْفُرْقَةِ لَمْ يَكُنْ فِي الْإِشْهَادِ احْتِيَاطٌ وَلَا كَانَ أَقَوْمَ لِلشَّهَادَةِ إذْ لَا يُمْكِنُ لِلشَّاهِدِ إقَامَةُ الشَّهَادَةِ بِثُبُوتِ الْمَالِ ثُمَّ قَالَ وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وإذا هِيَ لِلْوَقْتِ فَاقْتَضَى ذَلِكَ الْأَمْرَ بِالشَّهَادَةِ عِنْدَ وُقُوعِ التَّبَايُعِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْفُرْقَةِ ثُمَّ أَمَرَ بِرَهْنٍ مَقْبُوضٍ فِي السَّفَرِ بَدَلًا مِنْ الِاحْتِيَاطِ بِالْإِشْهَادِ فِي الْحَضَرِ وَفِي إثْبَاتِ الْخِيَارِ إبْطَالُ الرَّهْنِ إذْ غَيْرُ جَائِزٍ إعْطَاءُ الرَّهْنِ بِدَيْنٍ لَمْ يَجِبْ بَعْدُ فَدَلَّتْ الْآيَةُ بِمَا تَضَمَّنَتْهُ مِنْ الْأَمْرِ بِالْإِشْهَادِ عَلَى عَقْدِ الْمُدَايَنَةِ وَعَلَى التَّبَايُعِ وَالِاحْتِيَاطِ فِي تَحْصِينِ الْمَالِ تَارَةً بِالْإِشْهَادِ وَتَارَةً بِالرَّهْنِ أَنَّ الْعَقْدَ قَدْ أَوْجَبَ مِلْكَ الْمَبِيعِ لِلْمُشْتَرِي وَمِلْكُ الثَّمَنِ لِلْبَائِعِ بِغَيْرِ خِيَارٍ لَهُمَا إذْ كَانَ إثْبَاتُ الْخِيَارِ نَافِيًا لِمَعَانِي الْإِشْهَادِ وَالرَّهْنِ وَنَافِيًا لِصِحَّةِ الْإِقْرَارِ بِالدَّيْنِ فَإِنْ قِيلَ الْأَمْرُ بِالْإِشْهَادِ وَالرَّهْنِ يَنْصَرِفُ إلَى أَحَدِ الْمَعْنَيَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ الشُّهُودُ حَاضِرِينَ العقد

<<  <  ج: ص:  >  >>