للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْقَبَائِلِ وَبِهَا يَتَعَاقَلُونَ أَيْضًا وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الْعَقْلَ تَابِعٌ لِلنُّصْرَةِ أَنَّ النِّسَاءَ لَا يَدْخُلْنَ فِي الْعَقْلِ لِعَدَمِ النُّصْرَةِ فِيهِنَّ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى صِحَّةِ اعْتِبَارِ النُّصْرَةِ فِي الْعَقْلِ وَأَمَّا الْعَقْلُ بِالْحِلْفِ

فَإِنَّ سَعْدَ بْنَ إبْرَاهِيمَ رَوَى عن جبير بن مطعم عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً

فَأَثْبَتَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْفَ الْجَاهِلِيَّةِ وَقَدْ كَانَ الْحِلْفُ عِنْدَهُمْ كَالْقَرَابَةِ فِي النُّصْرَةِ وَالْعَقْلِ ثُمَّ أَكَّدَهُ الْإِسْلَامُ

وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَحَلِيفُهُمْ مِنْهُمْ

وَقَدْ كَانَتْ ظَهَرَتْ خَيْلٌ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَرَبَطَهُ إلَى سَارِيَةٍ مِنْ سِوَارِي الْمَسْجِدِ فَقَالَ عَلَامَ أُحْبَسُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِجَرِيرَةِ حُلَفَائِك

فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ نَفَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِلْفَ الْإِسْلَامِ

بِقَوْلِهِ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ

قِيلَ لَهُ مَعْنَاهُ نَفْيُ التَّوَارُثِ بِهِ مَعَ ذَوِي الْأَرْحَامِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يُورِثُونَ الْحَلِيفَ دُونَ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَأَمَّا حُكْمُ الْحِلْفِ فِي الْعَقْلِ وَالنُّصْرَةِ فَبَاقٍ ثَابِتٌ وَكَذَلِكَ الْوَلَاءُ ثَابِتٌ يُعْقَلُ بِهِ لِمَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْأَخْبَارِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَإِنَّمَا أَلْزَمَ أَصْحَابُنَا كُلَّ وَاحِدٍ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ أَوْ أَرْبَعَةَ دَرَاهِمَ لِاتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى لُزُومِهِ هَذَا الْقَدْرَ وَمَا زَادَ مُخْتَلَفٌ فِيهِ لَمْ تَقُمْ الدَّلَالَةُ عليه فلم يلزمه وَيَدْخُلُ الْقَاتِلُ مَعَهُمْ فِي الْعَقْلِ وَهُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَاللَّيْثِ وَالشَّافِعِيِّ وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ وَالْأَوْزَاعِيِّ لَا يَدْخُلُ فِيهِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَنَّهُ يَعْقِلُ مَعَهُمْ وَمَا رُوِيَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ خِلَافُهُ وَمِنْ جِهَةِ النَّظَرِ أَنَّ الدِّيَةَ إنَّمَا تَلْزَمُ الْقَاتِلَ وَالْعَاقِلَةُ تَعْقِلُ عَنْهُ عَلَى جِهَةِ الْمُوَاسَاةِ وَالنُّصْرَةِ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا يَلْزَمَ الْعَاقِلَةَ إلَّا الْمُتَيَقِّنَ وَقَدْ اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ مَا عَدَا حِصَّةِ الْوَاحِدِ منهم لازم العاقلة وَاخْتَلَفُوا فِي الْمِقْدَارِ الَّذِي هُوَ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ هَلْ تَحْمِلُهُ الْعَاقِلَةُ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا يَكُونَ لَازِمًا لِعَدَمِ الدَّلَالَةِ عَلَى لُزُومِهِ الْعَاقِلَةَ وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْعَاقِلَةَ إنَّمَا تَعْقِلُ عَنْهُ فَعَقْلُهُ عَنْ نَفْسِهِ أَوْلَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُمْ وَأَيْضًا لَوْ كَانَ غَيْرُهُ هُوَ الْجَانِي لَدَخَلَ مَعَ سَائِرِ الْعَاقِلَةِ لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُمْ فَإِذَا كَانَ هُوَ الْجَانِي فَهُوَ أَوْلَى بِالدُّخُولِ مَعَهُمْ لِلتَّخْفِيفِ عَنْهُمْ لِأَنَّهُمْ مُتَسَاوُونَ فِي التَّنَاصُرِ وَالْمُوَاسَاةِ قوله تعالى فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ قال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد وزفر وَالْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ يُجْزِي فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ الصَّبِيُّ إذَا كَانَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ مُسْلِمًا وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَإِبْرَاهِيمَ وَالشُّعَبِيِّ لَا يُجْزِي إلَّا مَنْ صَامَ وَصَلَّى وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي جَوَازِهِ في رقبة

<<  <  ج: ص:  >  >>