وسادت روح الإيمان المحض صفوف المجاهدين، فانطلقوا خلال جنود الشرك انطلاق الفيضان تقطّعت أمامه السدود.
وقف طلحة بن أبي طلحة العبدري حامل لواء قريش يتحدّى، داعيا إلى البراز، فوثب إليه الزبير بن العوام حتى صار معه على جمله، ثم اقتحم به الأرض فألقاه عنه وذبحه بسيفه!!.
أقبل أبو دجانة معلما بعصابته الحمراء، لا يلقى مشركا إلا قتله، وكان أحد المشركين قد شغل نفسه بالإجهاز على جرحى المسلمين في المعركة. قال كعب بن مالك: وإذا رجل من المسلمين ينتظره وعليه لأمته، فمضيت حتى كنت من ورائه، ثم قمت أقدّر المسلم والكافر ببصري، فإذا الكافر أفضلهما عدة وهيئة، فلم أزل أنتظرهما حتى التقيا فضرب المسلم الكافر على حبل عاتقه ضربة بالسيف فبلغت وركه، وتفرّق فرقتين!! ثم كشف المسلم عن وجهه وقال: كيف ترى يا كعب؟ أنا أبو دجانة ...
وقاتل حمزة بن عبد المطلب قتال الليوث المهتاجة، وصمد لحملة اللواء من بني عبد الدار، فاقتنص أرواحهم فردا فردا!!.
قال (وحشي) غلام جبير بن مطعم: قال لي جبير: إن قتلت حمزة عمّ محمد فأنت عتيق، قال: فخرجت مع الناس، وكنت رجلا حبشيا أقذف بالحربة قذف الحبشة، قلّما أخطئ بها شيئا، فلمّا التقى الناس، فخرجت أنظر حمزة وأتبصّره حتى رأيته كأنّه الجمل الأورق، يهدّ الناس بسيفه هدّا، ما يقوم له شيء!! فو الله إنّي لأتهيّأ له أريده وأستتر منه بشجرة أو بحجر ليدنو مني؛ إذ تقدمني إليه سباع بن عبد العزّى، فلمّا راه حمزة قال: هلمّ إليّ يا ابن مقطّعة البظور؟ قال: فضربه ضربة كأنما اختطفت رأسه. فهززت حربتي، حتى إذا رضيت عنها دفعتها عليه، فوقعت في ثنته- أحشائه- حتى خرجت من بين رجليه، وذهب لينوء نحوي فغلب، وتركته وإياها حتى مات، ثم أتيته فأخذت حربتي، ورجعت إلى المعسكر فقعدت فيه، إذ لم تكن لي بغيره حاجة، وإنما قتلته لأعتق.
ومع الخسارة الفادحة التي نالت المسلمين بقتل حمزة، فإنّ جيشهم القليل ظلّ مسيطرا على الموقف كلّه، وحمل لواء المسلمين في هذا القتال (مصعب بن عمير) الداعية العظيم، فلما استشهد، حمل اللواء عليّ بن أبي طالب، واستبق