للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا القليل الكافي يودّ أن يخلص من عقابيل الخلق، لا له ولا عليه، ولذلك كان يدعو الله:

«اللهم إني أعوذ بك من الفقر والفاقة، والقلّة والذّلّة، وأن أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ» «١» .

ويقول: «اللهم إني أسألك الهدى والتّقى والعافية والغنى» «٢» - الاستغناء-.

وهذا المنهج الصارم في المعيشة تقاضى نساءه أن يتحملن شدّة ما كنّ يعرفنها من قبل، لقد جئن إليه من بيوتات كبيرة.

وأكثرهنّ اعتادت في صدر حياتها الزاد الطيب والنعمة الدافقة، إما مع ابائهن وإما مع رجالهن السابقين.

فلا عجب إذا تململن من هذه الحياة الجديدة، وطلبن الرغد والنعومة، واجتمعن- على ما بينهنّ من خلاف- ليسألن الرسول صلى الله عليه وسلم مزيدا من النفقة!.

إنهنّ في بيت أعظم رجل في العرب، فيجب أن تتكافأ معيشتهن مع مكانتهن، وقد تزعّم هذه المطالب عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر، وتبعهن الباقيات رضي الله عنهن!!.

وحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذه المظاهرة! إنّه المسلم الأول على ظهر الأرض وأبصار المؤمنين والمؤمنات ترنو إليه من كلّ ناحية، وهو بصدد بناء أمة تشق طريقها وسط ألوف مؤلفة من الخصوم المتربصين.


(١) صحيح، وهو مركب من حديثين: الأول: عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ... فذكره، دون قوله: «الفاقة» ، وقوله في اخره: «أو أجهل..» ، أخرجه هكذا أبو داود: ١/ ٢٤١؛ والنسائي: ٢/ ٣١٥؛ والحاكم: ١/ ٥٤١؛ وأحمد: ٢/ ٣٠٥، ٣٢٥، ٣٥٤؛ وصحّحه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا. والثاني: عن أم سلمة قالت: ما خرج النبيّ صلى الله عليه وسلم من بيتي قط إلا رفع طرفه إلى السماء فقال: «اللهم إنّي أعوذ بك أن أضل أو أضلّ، أو أزلّ أو أزلّ أو أظلم أو أظلم أو أجهل أو يجهل عليّ» . رواه أبو داود: ٢/ ٣٢٨- ٣٢٩، وغيرهما، وقال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين» ، ووافقه الذهبي وهو كما قالا، وصحّحه الترمذي.
(٢) صحيح بلفظ: «والعفاف» بدل «العافية» ، كذلك أخرجه مسلم: ٨/ ٨١؛ والترمذي: ٤/ ٢٥٦، وصحّحه؛ وابن ماجه: ٢/ ٤٣٠؛ وأحمد، رقم (٣٦٩٢، ٣٩٠٤، ٣٩٥٠) عن ابن مسعود.

<<  <   >  >>