للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ} قطُّ {مِنْ سُوءٍ} ما: نافية، وسوء: نكرة، والنَّكرة في سياق النَّفي تفيد العموم، ومِنْ: لتوكيد النَّفي، وكلّ ذلك مبالغة في نفي جنس السُّوء عنه. وكانت هذه الجملة طعنةً نجلاء في قلب امرأة العزيز، الأمر الَّذي حذاها ودعاها إلى الاعتراف.

{قَالَتِ امْرَأَتُ الْعَزِيزِ} لما رأت الأمر ينذر بالنِّهاية ـ بلسان النَّدم والحياء والخجل ـ: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ} وانكشفَ بعد خفاء، الآن وضُحَ الحقُّ وتبيَّن {أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (٥١)} في سابقِ قولِه: {هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي}.

ولم يبقَ لأحدٍ مقال؛ فقد اعترفَ الخصم بأنَّ خَصِيْمَهُ على الحقِّ وهو على الباطل، وقطعت بذلك امرأة العزيز قولَ كلِّ خطيب.

تحقُّق صَرْف الكيد

كان موقف النِّسوة وامرأة العزيز مصداقاً لقوله تعالى: {فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٤)}، فقد تحقَّق صرفُ الكيد عن يُوسُفَ بهداية الله تعالى للنِّسوة وامرأة العزيز للاعتراف.

ومن اعتراف النِّسوة وامرأة العزيز نفهم أنَّ عاطفة النِّساء تملك عقولهنَّ، بخلاف الرِّجال، فإنَّ عقولهم تملكُ عواطفَهم، لذلك فهنَّ إلى الصِّدقِ وإظهارِ الحقيقةِ وعدم القدرة على إخفائها أقربُ من الرِّجال.

تتمَّة الاعتراف ونهاية المطاف

واستمرَّت امرأة العزيز تعبِّر عن أسفِها وندمها وتوبتها {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ} يُوسُفُ {أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ}، ولم أفترِ عليه كذباً وهو غائب، فلم يكن يُوسُفُ قد خَرَجَ

<<  <   >  >>