للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مِنْ أَحْيَاءِ الْعَرَبِ، فَاسْتَضَافُوهُمْ، فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ، فَلُدِغَ (١) سَيِّدُ ذَلِكَ الْحَيِّ؛ فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ شَيْءٌ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ الَّذِينَ نَزَلُوا؛ لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ شَيْءٌ، فَأَتَوْهُمْ، فَقَالُوا: يَا أَيُّهَا الرَّهْطُ، إِنَّ سَيِّدَنَا لُدِغَ وَسَعَيْنَا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ لَا يَنْفَعُهُ، فَهَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ مِنْ شَيْءٍ؟! فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، وَالله إِنِّي لَأَرْقِي (٢)، وَلَكِنْ والله لَقَدْ اسْتَضَفْنَاكُمْ فَلَمْ تُضَيِّفُونَا؛ فَمَا أَنَا بِرَاقٍ لَكُمْ حَتَّى تَجْعَلُوا لَنَا جُعْلًا (٣)، فَصَالَحُوهُمْ عَلَى قَطِيعٍ مِنْ الْغَنَمِ، فَانْطَلَقَ يَتْفِلُ عَلَيْهِ وَيَقْرَأُ: الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ فَكَأَنَّمَا نُشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَانْطَلَقَ يَمْشِي وَمَا بِهِ قَلَبَةٌ (عِلَّة)، قَالَ: فَأَوْفَوْهُمْ جُعْلَهُمْ (٤) الَّذِي صَالَحُوهُمْ عَلَيْهِ.

فَقَالَ بَعْضُهُمْ: اقْسِمُوا، فَقَالَ الَّذِي رَقَى: لَا تَفْعَلُوا حَتَّى نَأْتِيَ النَّبِيَّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فَنَذْكُرَ لَهُ الَّذِي كَانَ، فَنَنْظُرَ مَا يَأْمُرُنَا، فَقَدِمُوا عَلَى رَسُولِ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ فَذَكَرُوا لَهُ، فَقَالَ: وَمَا يُدْرِيكَ أَنَّهَا رُقْيَةٌ (٥)؟! ثُمَّ قَالَ: قَدْ أَصَبْتُمْ، اقْسِمُوا وَاضْرِبُوا لِي مَعَكُمْ سَهْمًا (٦)، فَضَحِكَ رَسُولُ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ " (٧)

الإخوةُ في مصيدة يُوسُفَ

وهنا قال المؤذِّن وأصحابُه: {فَمَا جَزَاؤُهُ} أي فما عقوبة وجزاء سرقة


(١) أي لُسِعَ من حيَّة أو عقرب، واللَّدْغ أكثر ما يستعمل في العقرب.
(٢) الرَّاقي هو أبو سعيد الخُدْريِّ ـ - رضي الله عنه - ـ راوي الخبر، وقد فُهِم ذلك من طرائق أخرى للحديث.
(٣) الجُعْل: ما يُعْطَى على عمل.
(٤) ومقدار الجُعْل ثلاثون شاة كما صرَّح بذلك المصنّف في فضائل القرآن بلفظ آخر، وفيه: "فأمر له بثلاثين شاةً وسقانا لبناً ... " البخاري " صحيح البخاري" (م ٣/ج ٦/ص ١٠٣) كتاب فضائل القرآن.
(٥) فأثبت أنَّها رقية، وفيه دلالة ظاهرة على فضل فاتحة الكتاب.
(٦) أمرهم بذلك لتطمئنَّ قلوبهم وتقرّ أعينهم بأنَّه حلال مشروع لا شبهة فيه.
(٧) البخاري " صحيح البخاري " (م ٢/ج ٣/ص ٥٣) كتاب الإجارة.

<<  <   >  >>