أمَّا في سورة يُوسُفَ، فالأمر مختلف، فهم لا يريدون من العزيز يُوسُفَ أنَّ يبالغ في الصَّدقة لهم؛ أدباً منهم، ولذلك، قالوا: {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ (٨٨)} [يوسف] ولم يقولوا: المصَّدِّقين.
يُوسُفُ يذكِّرُ إخوتَه ويعاتبُهم
ولمَّا سَمِعَ يوسُفُ قولَ إِخوتِه:{مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}، و {وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا}، أدركته الرَّأْفَةُ، ولم يتمالك أن عرَّفهم نفسه، {قَالَ} لهم بلهجة المذكِّر المعاتب: {هَلْ عَلِمْتُمْ} وهو استفهام للإيقاظ والتَّنبيه والتَّذكير، أي هل تذكرونَ فَدَاحَةَ {مَا فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جَاهِلُونَ (٨٩)} حال جهلكم بسوء عملكم، وفيه تعريضٌ بأنَّهم قد صَلُحَ حالهم الآن.
ولم يقل يُوسُفُ ـ - عليه السلام - ـ هذا الكلام لهم تصفية للحِسَاب معهم، لكنَّها نَفْثَةُ مَصْدُورٍ، وزَفْرَةُ مفؤود، عالج بها بعض كُلوم الفُؤَاد، وكلمة موجزة أعلمهم بها قُبْحَ عملهم في الماضي؛ تحريضاً لهم على التَّوبة.