للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البلاء إلَّا الرَّخاء، ولله القائل:

ولربَّ نازِلةٍ يَضِيقُ بها الفتى ... ذَرْعاً وعند الله منها المخْرَجُ

ضَاقَتْ فلمَّا اسْتَحْكَمت حلقاتُها ... فُرِجَت وكَانَ يَظنُّها لا تُفْرَجُ

الفرق اللُّغوي بين عام وسَنَة

من أشهر الفروق الَّتي قرَّرها علماء اللُّغة بين العام والسَّنة، أنَّ السَّنة من الأسماء الغالبة، فالدَّابة مثلاً يغلب استخدامها في الفرس، والمال في الإبل، والسَّنة يغلب استخدامها في الأزمة والقحط والجدب، والعام يغلب استخدامه في الرَّخاء والعطاء والخصب.

ولذلك قال تعالى: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ ... (١٣٠)} [الأعراف] أي بالقحط والجدب، وفي دعاء النَّبيِّ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ على المشركين، قال ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: " اللَّهمَّ اشْدُدْ وطأتك على مُضَرَ، اللَّهمَّ اجعلْها سنين كَسِني (١) يُوسُفَ" (٢)

أمَّا العام، فيستخدم غالباً في الرَّخاء، قال تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (٤٩)}.

وقال البقاعي في "نظم الدّرر" في قوله تعالى: {فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا فَأَخَذَهُمُ الطُّوفَانُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١٤)} [العنكبوت]: "وعبَّر بلفظ {سَنَةٍ} ذمّاً لأيام الكفر، وقال: {عَامًا} إشارة إلى أنَّ زمان حياته ـ عليه الصَّلاة


(١) أضاف السّنين إلى يُوسُفَ لأنَّه أنذر بها، ودبَّر أمور النَّاس فيها.
(٢) البخاري " صحيح البخاري " (م ٤/ج ٧/ص ١٦٥) كتاب الدّعوات، وأخرجه البخاري في كتاب: الأذان، والجمعة، والجهاد والسّير، وأحاديث الأنبياء، وتفسير القرآن، والأدب، والإكراه. وأخرجه مسلم في " صحيح مسلم بشرح النووي " (م ٣/ج ٥/ص ١٧٧) كتاب المساجد، وأخرجه في كتاب: صفة القيامة.

<<  <   >  >>