{لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (٣٢)} الأذلَّاء، ولم تعد تخشى لوْمَةَ لائم ولا مَقِيلَةَ قائِل، ونَسِيَتْ أنَّ زلَّة اللِّسان عَثْرةٌ لا تُقَال!
يُوسُفُ ـ - عليه السلام - ـ في السَّماء الثالثة ليلة المعراج وقد أوتي شطر الحسن
روى مسلم عن أنس بن مالك في حديث الإسراء أنَّ رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ قال:" ... ثمَّ عرج بي إلى السَّماء الثَّالثة، فاسْتَفْتَحَ جِبْريلُ، فقيل: مَنْ أنتَ؟ قال: جبريل. قِيل: ومَنْ معك؟ قال: محمَّدٌ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ. قيل: وقد بُعِثَ إليه؟ قال: قد بُعِثَ إليه؛ فَفُتِحَ لنا، فإذا أنا بيُوسُفَ ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، إذا هو قد أُعْطِي شَطْرَ الحُسْنِ، فرحَّب ودعا لي بخير ... "(١).
في الفَصْل والوَصْل
من أسرار البلاغة وفنونها معْرِفَةُ مواضِعِ الوَصْل والفَصْل في الجمل، والعِلمُ بذِكْر العاطِف وتركِه. والوَصَلُ عند علماء المعاني المراد به عطْف جملةٍ على أخرى بحرف العطف الواو فقط، والفَصْل تركه.
وتمييز مواطن الفصل من الوصل في الجمل على ما تقتضيه البلاغة أمر متعذّر غَامِض، لا يعرفه إلَّا الخلَّص من العرب، الَّذين طُبِعوا على البلاغة، وجُبِلوا على الفصاحة، وقد بلغ ببعضهم أنْ جعل معرفةَ الوصل من الفصل حدّاً للبلاغة، وأساساً للفصاحة.
وأهل البلاغة والفصاحة في عهد النَّبِيِّ كانوا أعرف النَّاس بعجزهم أمام القرآن وإعجازه، فإذا وقف هؤلاء عاجزين، فمن بعدهم لا رَيْبَ أَعْجَز؛ لأنَّ معرفة المتقدِّمين بصنعة العربيَّة لا يجاريهم فيها أحد من المتأخِّرين.
ومن المواضع الَّتي يحسن فيها الفصل أن يكون بين الجملتين اتِّحاد تامٌّ، كأن
(١) مسلم " صحيح مسلم بشرح النّووي " (م ١/ج ٢/ص ٢١٣) كتاب الإيمان.