للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقيل: إنَّهما لم يريا شيئاً وإنّما أرادا امتحان يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ، فقد أخرج الحاكم بسند صحيح، عن عبد الله، قال: " الفتيان اللّذان أتيا يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ في الرُّؤيا إنمَّا كانا تكاذبا، فلمَّا أوَّل رؤياهما، قال: إنَّا كنَّا نلعب، قال يُوسُفُ: قضي الأمر الَّذي فيه تستفتيان " (١).

وأخرج الحاكم بسند صحيح عن عبد الله بن مسعود ـ - رضي الله عنه - ـ، قال: " لما حكيا ما رأياه، وعبَّر يوسف ـ - عليه السلام - ـ، قال أحَدُهما: ما رأينا شيئاً، فقال: قضي الأمر الَّذي فيه تستفتيان " (٢).

[حذف الفاعل وإقامة المفعول مقامه]

في قوله تعالى: {قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (٤١)} يلاحظ حذف الفاعل، وإقامة المفعول به مقامه، وبناء الفعل للمجهول، وقد حُذِفَ الفاعل؛ للعلم به، فلا حاجة لذكره، فالفعل {قُضِيَ} لا يقدر عليه أحَدٌ إلّا الله تعالى، وقد أقيم المفعول به مقامه، وهو المسند إليه، وجيء به بعد الفعل المبني للمجهول مباشرة؛ لتعظيم ما قضاه الله تعالى، فما قضاه الله تعالى أمر عظيم.

عِلْمُ التَّعبير داخل في الفتوى

وقد تحقَّق وقوعُ تعبير يُوسُفَ لرؤيا الفتيين، فقد سُئِلَ فأفتى بعلم وبلا مواربة، وجديرٌ بنا أن نَعْلمَ أنَّ عِلْمَ التَّعبير وتفسير الرُّؤى والأحلام من علوم الإسلام الشَّرعيَّة، وهو داخل في الفتوى، فإذا ما استفتاكَ أحدٌ من النَّاسِ في تعبير رؤيا فاعلم أنَّك أمام فتوى شرعيَّة، لا يكون لك أن تقول فيها بغير علمٍ و لا هدى ولا


(١) الحاكم " المستدرك" (ج ٤/ص ٣٩٥) كتاب تعبير الرّؤيا، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشَّيخين ولم يخرِّجاه.
(٢) الحاكم " المستدرك " (ج ٢ /ص ٣٤٦) كتاب التّفسير، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه.

<<  <   >  >>