للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تَعْلَمُونَ (٨٦)}، من جميل تدبيره وخفيّ لطفه، فأنا أعلمُ سلامتهم، وأنَّ الله تعالى اجتبى يُوسُفَ وعلَّمه من تأويل الأحاديث، وأتمَّ نعمته عليه وعلى آل يعقوب، وأنَّ رؤيا يُوسُفَ حقٌّ، وسيأتي تأويلها باجتماعنا به، وستريكم الأيام ذلك.

ومن شكاية يَعْقُوب ـ - عليه السلام - ـ وتضرُّعه بالدُّعاء إلى الله تعالى وحده نفهم أنَّ هذا هو المطلوب شَرْعاً من كلِّ مؤمنٍ شاكٍ حزين.

الشِّكاية ملفوظة وملحوظة

اعلم أنَّ الشِّكاية نوعان: ملفوظة، وملحوظة. فأمَّا الملفوظة أو الملفوظ بها، فنحو قوله تعالى حكاية عن يعقوب: {قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ... (٨٦)} وأمَّا الملحوظة المقدَّرة غير الملفوظ بها، فنحو قوله تعالى حكاية عن مؤمن آل فرعون: {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ (٤٤)} [غافر] وقوله تعالى حكاية عن نوح - عليه السلام -: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي ... إِلَّا ... فِرَارًا (٦)} [نوح]

ائتلاف اللَّفظ مع اللَّفظ وائتلافه مع المعنى

ائتلاف اللَّفظ مع اللَّفظ: أن تتَّصفَ الألفاظ بحُسْنِ الجوار، وذلك بأن يقترن اللَّفظ الغريب بمثله، واللَّفظ المشهور بمثله، لتلائم الألفاظ بعضها بعضاً؛ عناية بحسن الجوار والمناسبة.

أمَّا ائتلاف اللَّفظ مع المعنى: فَأَنْ تلائم الألفاظ المعنى المراد، فإذا كان المعنى فخماً كانت ألفاظه فخمة، وإذا كان رشيقاً لطيفاً كانت ألفاظه كذلك ...

ومن شواهد ائتلاف اللَّفظ في اللَّفظ، قوله تعالى: {قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا ... (٨٥)} فإنَّه تعالى جاء بأغرب ألفاظ القسم {تَاللَّهِ}

<<  <   >  >>