اختلف المفسِّرون في حقيقة وكُنْه البضاعة الَّتي اشترى بها أولادُ يعقوب مِيرَتهم، هل هي: دراهم، فضَّة، جلود ... الحاصل أنَّها ثمنٌ للميرة.
الإخوةُ يطلبونَ أخاهم مِنْ أبيهم
قام إخوةُ يُوسُفَ من مِصْرَ، وركبوا رحالهم يقطعون بطن الصَّحراء، إلى بلادهم أرض كنعان بفلسطين، وقد وقعوا بين مطرقتين: لا يدرون يوفون بعهدهم ويطلبون أخاهم، أم يسكتون خشيةَ أن يثيروا حزن والدهم على يُوسُفَ، ثمَّ إنَّهم رجَّحوا طلب أخيهم.
{فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ} يعقوب ـ - عليه السلام - ـ {قَالُوا} بمجرَّد وصولهم وعليهم أمارات الضِّيق: {يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ} وأخرجوا كلامهم بصيغة الماضي {مُنِعَ} والمراد المستقبل؛ ليؤكِّدوا لأبيهم المنع.
أي إنَّ عزيز مِصْرَ منع منَّا الكيل بعد هذه المرَّة؛ إلَّا أن نأتي بأخينا، {قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ... }، وقول يُوسُفَ هذا يؤخذ منه أنَّ أولاد يعقوب ليسوا من أمٍّ واحدة، {فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا} حسبَ اقتراحه {نَكْتَلْ} من الطَّعام، والأصل نكتال، لكن الفعل مجزوم لأنَّه جواب الطَّلب، وعلامة جزمه سكون آخره، فحذفت الألف منعاً لالتقاء السَّاكنين.
وقد تلطَّفوا وترفَّقوا بالقول لأبيهم حيث قالوا:{أَخَانَا} إظهاراً لمحبَّتهم له وإشفاقهم عليه، ثمَّ أكَّدوا ذلك، فقالوا: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٦٣)} أكَّدوا حفظه بحرف التَّوكيد إنَّ، وبالجملة الاسميَّة الدَّالة على الثَّبات والاستمرار، أي أنَّهم دائمون على حفظه.