إنَّ السُّجود لا يجوز لأحد إلَّا لله تعالى وحده، وقد منع الشَّرعُ السُّجود لغير الله تعالى منعاً جازماً؛ سدّاً للذرائع، ومنعاً للشِّرك.
ولا يجوز السُّجود، ولو كان المقصود به التحيَّة والتَّكرُمة إلَّا بأمرٍ من الله تعالى، ولم يقع سجود التَّحيَّة مشروعاً إلَّا لآدم ويُوسُفَ ـ عليهما السَّلام ـ.
أمَّا آدم ـ - عليه السلام - ـ فقد وقع له السُّجود من الملائكة بأمْرٍ من الله تعالى، قال جلَّ جلالُه: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا ... (٣٤)} [البقرة].
وأمَّا يوسف ـ - عليه السلام - ـ فوقع السُّجود له من البشر بإرادة الله تعالى، قال جلَّ ذكرُه: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا ... لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ... (١٠٠)}.
ولا سجود لأحدٍ بعد ذلك، لا سجود لآدم، ولا سجود ليُوسُفَ، ولا سجود لمخْلُوق مهما عَظُمَ شأْنُه وعلت مكانته، ومَنْ سَجَدَ بعد ذلك لغير الله تعالى؛ فقد أشرك: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠)} [الكهف].
بَيْنَ رؤيا يُوسُفَ وعبارتها أربعون عاماً
قوله تعالى على لِسَان يُوسُفَ:{وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ} ورد أنَّه كان بين رُؤْيا يُوسُفَ إلى أَنْ رأى تأويلها أربعون عاماً، أخرج الحاكم بسند صحيح عن سلمان الفارسي ـ - رضي الله عنه - ـ، قال:" كان بين رؤيا يُوسُفَ وتأويلها أربعون سنة "(١)
(١) الحاكم " المستدرك " (ج ٤/ص ٣٩٦) كتاب تعبير الرّؤيا. وأخرجه البيهقي بسند صحيح في " الجامع لشعب الإيمان " (ج ٦/ص ٤٣٤/رقم ٤٤٤٦). وأخرجه الطّبري بسند صحيح في " جامع البيان " (ج ١٦/ص ٢٧١/رقم ١٩٩٠٧) وقال ابن حجر في " فتح الباري" (ج ١٢/ص ٣١٧): أخرجه الطبري، والحاكم، والبيهقي في الشّعب بسند صحيح عن سلمان الفارسي.