للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابتداء السُّورة وانتهاؤها بالعلم

سورةُ يُوسُفَ موضوعها العلم؛ ولذلك ابتدأت به، قال تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ... (٦)} وتضمَّنته، فمن ذلك قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٢١)} وقول يُوسُف لصاحبي السّجن: {ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي (٣٧) وقول يوسف لملك مصر: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)} وقول يعقوب لبنيه ولمن كان حاضِراً عنده: {وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٦)} وقوله تعالى في معرض الثَّناء على يعقوب: {وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦٨)} وفي ختام السُّورة، دعا يُوسُفُ - عليه السلام - ربَّه: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ... (١٠١)}.

التَّوافق بين المطلع والنِّهاية

من التَّوافق العجيب بين مطلع القصَّة ونهايتها، أنَّ القصَّة ابتدأت بالرُّؤيا، واختتمت بتأويلها، فقد ابتدأت القصّة بمشهد يُوسُفَ أمام أبيه وهو يقصُّ عليه رؤياه، ويقول له: {يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ (٤)} واختتمت بمشهد يُوسُفَ أمام أبيه بعد أن تحقَّق تأويلها، وهو يقول له: {يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا ... (١٠٠)}

ومن التَّناسق العجيب بين مطلع السُّورة وخاتمتها، أنَّ السُّورة افتتحت بالقرآن، وأكَّدت أنَّه قرآن عربيّ، وأنَّ فيه أحسن القصص، قال تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ... (٣)} وفي

<<  <   >  >>