للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أمور الدِّين والدُّنيا إلَّا بعد مشورة ذي عقل راجح، ورأي ناصح.

[خطاب الجمع بلفظ الواحد]

قد يذكر الواحد ويراد به الجمع في القرآن الكريم على عادة العرب، كما في قوله تعالى: {فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا ... (٨٠)} أي اعتزلوا متناجين، والنَّجِيّ مصدر يصلحُ للجماعة وللواحد، قال تعالى: {وَقَرَّبْنَاهُ نَجِيًّا (٥٢)} [مريم] ويجمع على أنْجِيَة.

ومن ذلك في التَّنزيل، قوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (٦٩)} [النِّساء] أي رفقاء، وقوله تعالى: {هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ ... (٤)} [المنافقون] أي الأعداء.

يعقوب يتلقَّى النَّبأ بالصَّبر والآمال

رجع الإخوة أدراجهم إلى أبيهم، وقالوا له ما قاله كبيرُهم، فلمَّا سمع أبوهم هذا النَّبأ الفظيع {قَالَ} مكذِّباً: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} وكيداً ثانياً دبَّرتموه لولدي، وإلَّا فَمَنْ أعْلَمَ عزيز مِصْر أنَّ السَّارق يسترقّ غيركم، {فَصَبْرٌ جَمِيلٌ} لا شكوى فيه إلى الخلق {عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ} بالثَّلاثة {جَمِيعًا} عاجِلاً أو آجِلاً، فأملي به كبير، ورجائي به قويٌّ، فالكَرْب إذا اشتدَّ هان، والهموم إذا طالت تكشَّفت {إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ} ... بحالي {الْحَكِيمُ (٨٣)} في تدبيره.

الظَّنُّ على الكاذِب

تقدَّم أنَّ يعقوب ـ - عليه السلام - ـ لم يصدِّقْ أولاده في حالتي كذبهم وصدقهم في حادثتي يُوسُفَ وأخيه، بل قال لهم في المرَّتين مستغشّاً عَيْن العبارة الشَّريفة: {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا}؛ لأنَّ مَن عُهِدَ عنه الكَذِب يُظَنُّ به الكذب، ولو تكلَّم بالصِّدق.

<<  <   >  >>