للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولًا ... (٣٤)} [غافر]

وَتَمرُّ الأَيَّام، وَتَكرُّ الأَعوام، وَيَبْلغُ يُوسُفُ مُنْتَهى شِدَّتِه وَقوَّتِه، وَيَمنُّ الله تَعَالى عَلَيه جَزَاء إحْسَانه بِنِعمَتيْن فِيهِمَا الْخَير الكثير: الحُكْم والعلم، قال تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢)}.

وَالْآيَة تَحضُّ عَلَى طَلَبِ الفِقه وَالعلم بالإحسان، فَمِنَّة الله تَعَالى لَيْسَت خَاصَّةً بِيُوسُفَ: {وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢) كما يُطْلَبُ العِلمُ بِالتَّقْوَى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ... (٢٨٢)} [البقرة]، وَبِالإِيمَان الحقِّ: {وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ ... (١١)} [التَّغابن]، والاسْتزَادَة بِالدُّعَاء {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (١١٤)} [طه]

الحُكْم يأتي في القرآن بمعنيين

الحُكْم: مصْدر للفعل الثُّلاثيّ حَكَمَ، ويرد في القرآن بمعنيين: الأوَّل بمعنى القضاء بالعدل، نحو قوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)} [الممتحنة]، وقوله: {وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ... (٤٣)} [المائدة] وقوله: {إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ ... (٧٨)} [النَّمل].

والثَّاني بمعنى الفقه والعلم، نحو قوله تعالى: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (٢٢) وقوله: {وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا ... (٧٤)} [الأنبياء]، وقوله: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ... (٧٩)} [الأنبياء] وقوله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٤)} [القصص]

<<  <   >  >>