للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَأَى أَحَدُكُم ما يَكْرَهُ فَلْيَقُمْ فَلْيُصَلِّ، ولا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ " (١).

وَرَوى مُسْلِم عن جَابِرٍ عن رَسُولِ الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أنَّه قال: " إذَا رَأى أحَدُكُم الرُّؤيَا يَكْرَهُهَا فَلْيَبْصُقْ عن يَسَارِهِ ثلاثاً، ولْيَسْتَعِذْ بالله من الشَّيطَانِ ثَلاثَاً، ولْيَتَحَوَّلْ عن جَنْبِهِ الَّذي كَانَ عَلِيْهِ " (٢).

ومِن مَجْمُوعِ الأحَادِيثِ الشَّرِيفَةِ نَفْهَمُ أنَّه يَنْبَغِي لِلمُسْلِمِ أنْ يَعْمَلَ بِأسْبَابِ السَّلامَةِ الَّتي جَعَلَها اللهُ له، فإذا رَأَى ما يَكْرَهُ نَفَثَ عن يَسَارِه ثلاثاً، قائلاً: أَعُوذُ بالله من الشَّيطَانِ ومن شَرِّهَا ثلاثاً، ولْيَتَحَوَّلْ عن جَنْبِهِ الَّذي كانَ عَليهِ إلى جَنْبِهِ الآخر، وليُصَلِّ ركْعَتَينِ، ولا يُحَدِّثْ بِهَا النَّاسَ، فَيَكُون قَد عَمِلَ بالرِّواياتِ الشَّريفةِ كُلِّها، وإن اقْتَصَرَ على بَعْضِهَا أجْزَأَ في دَفْعِ ضَرَرِ الرُّؤيا كما صَرَّحت الأحادِيثُ الشَّرِيفَةُ، وهذه تَكُونُ سَبَباً لِعَدَمِ ضَرَرِهِ؛ كما جُعِلَت الصَّدَقَةُ لِوقايَةِ المالِ وَغَيرِه مِنَ البَلاءِ.

يُوسُفُ ـ - عليه السلام - ـ يَقُصُّ رُؤيَاهُ عَلى أَبِيهِ

دَخَلَ يُوسُفُ الصِّدِّيقُ ذَات صَبَاحٍ على أَبيهِ يَعْقُوبَ ـ - عليه السلام - ـ ووقَفَ قُبَالَتَهُ بِأَدَبٍ وَوَقَارٍ، وبِلِسَانِ الاستِفْهَامِ والإخْبَارِ: {قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ} يعقوب {يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ} فِيمَا يَرَى النَّائِمُ {أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا} وذُكِر العددُ مطابقاً للتّأويل، فرؤيا الأنبياء حقّ {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} عطف على الكواكب على طريق الاختصاص إثباتاً لفضلهما، وقد جرى القرآن على تقديم الشَّمس على القمر، قال تعالى: {وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ... (٢)} [الرّعد]، وقال: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (٥)} [الرّحمن] وقال: {وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ (٩)} [القيامة].


(١) مسلم "صحيح مسلم بشرح النووي" (م ٨/ج ١٥/ص ١٩) كتاب الرُّؤيا.
(٢) المرجع السَّابق.

<<  <   >  >>