والتَّثريب ـ:{امْرَأَتُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا} عَبْدَهَا يُوسُفَ {عَنْ نَفْسِهِ} وَهيَ الْمُتَزَوجَة من عَزِيز مِصر! وَيَأْبَى عَلَيْهَا! وَتُرِيده قَسْراً! {قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا} اقْتَحَم حبُّهُ أَسْوَار قَلْبِها {إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٣٠)} في خطأ وبعد عن سبيل الرَّشاد. وهذا الكلام من النِّسوة يكشف عن طبيعة الإنسان في حُبِّ الاطِّلاع وتتبُّعِ الأخبار، فإيّاكُم والنَّمائم؛ فإنَّها تزرع الأحقاد وتنبت السَّخائم.
دلالة تجريد الفعل المسند إلى جمع التَّكسير من التَّاء أو قرنه بها
قوله تعالى:{وَقَالَ نِسْوَةٌ} النِّسوة فيها أقوال أشهرها وأظهرها أنَّ كلمة نسوة جمع تكسير للقلَّة، والمشهور كسر نونها، ويجوز ضمُّها في لغة، قال القرطبي:"وهي قراءة الأعمش، والمفضل، والسلمي"(١) وإذا ضُمَّت نونها كانت اسم جمع بلا خلاف.
ومعلوم أنَّ من مواضع تأنيث الفعل مع الفاعل جوازاً إذا كان الفاعل جمع تكسير، نحو قوله تعالى: {إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ ... (١٤)} [فصِّلت] وقوله تعالى: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ... (٣٤)} [الأنعام] وقوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ ... (٤٣)} [الأعراف] وقوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ... (١٤)} [الحجرات]
فإن قيل: فلم جُرِّد الفعل من علامة التَّأنيث في قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ} وأثبت في مثل قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ}[الحجرات] مع أنَّ تقديم الفعل يدعو إلى إسقاط علامة التَّأنيث؟!
فالجواب: أنَّ ثبوت التَّاء في قوله تعالى: {قَالَتِ الْأَعْرَابُ}[الحجرات]
(١) القرطبي " الجامع لأحكام القرآن " (ج ٩ /ص ١٧٥).