خُضُوعُ المؤمن وموالاته لغير المؤمن
لا يبيحُ الإسلام للمؤمن أن يخْضَعَ لغير المؤمن في غير ضرورة، قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ... (٥٩)} [النِّساء]
فهذه الآية تبيِّن أنَّه لا ينبغي للمؤمن الخضوع سوى لله تعالى والرَّسول ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ وأولي الأمر من المؤمنين.
وقال تعالى: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا (١٤١)} [النِّساء].
والمراد عدم الجواز في حالة الاختيار، وأمَّا في حالة الاضطرار؛ فهو جائز، ويُوسُفُ ـ - عليه السلام - ـ مضطرٌّ أن يكون تحت إمرة غير المؤمنين؛ فهو على كلِّ حالٍ ووجهٍ سيكون تحت إمرة الملك في أرض مِصْرَ.
ولسائل أن يسأل: كيف يجوز ليُوسُفَ أن يكون تحت سلطة الملك غير المؤمن، وقد قال تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً ... (٢٨)} [آل عمران].
فنجيبه عن ذلك: أنَّ الاتخاذ لا يحرم إلّا إذا كان ضد المؤمنين؛ كما قال تعالى: {مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ... (٢٨)} [آل عمران]
ونفهم من قول يُوسُفَ لملك مصر: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (٥٥)} ليخدم البلاد والعباد، جواز مساعدة غير المسلم ضمن حدود الله تعالى التَّي بيَّنها بقوله: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ... (٢)} [المائدة]
يُوسُفُ النَّبِيُّ والرَّسول
لم يجلس يُوسُفُ ـ - عليه السلام - ـ على كرسيِّ المنصب الذي وُكِلَ إليه مسند الظهر مسترخياً، ولم ينثنِ شَبْعاناً على أريكته، ولم يتَّخذ المنصب مغنماً، وإنَّما نظَّم أمر البلاد،