{وَقَالَ} يُوسُفُ {لِفِتْيَانِهِ} غلمانه وخدمه: {اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ} الثَّمن الذي اشتروا به الطَّعام {فِي رِحَالِهِمْ} في أوعيتهم سرّاً؛ {لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا} ويطَّلعون عليها {إِذَا انْقَلَبُوا} راجعين {إِلَى أَهْلِهِمْ} وفتحوا أوعيتهم؛ {لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٦٢)} إلينا ثانية، ففعل فتيانه ما أمرهم به.
ليس مِنْ رَسُولٍ كالدِّرهم
لا يخفى أنَّ ردَّ يُوسُفَ الثَّمن كان وسيلةً لضمان عودتهم ثانية بشقيقه، ولكن كيف؟!
الجواب: إمَّا بوقوفهم على بالغ إكرامه لهم، فيرجعون طمعاً في برِّه وحسن معاملته، أو أنَّهم إذا وجدوا الثَّمن تحرَّجوا من أخذه، فدينهم يحملهم على ردِّ الثَّمن وردِّ الأمانة إلى أهلها، فيكون ذلك أدعى لهم إلى العودة ثانية.
لماذا لم يُظْهِر يُوسُفُ نفسَه لإِخوته؟
فإن قيل: لماذا لم يظهِرْ يُوسُفُ نفسَه لإِخوته ويعرِّفْهم بجليَّة الأمر؟!
فالجواب: أنَّ وقت تحقُّق رؤيا يُوسُفَ المكتوب والمعلوم في اللَّوح المحفوظ لم يحن بعد، وأنَّه لا بدَّ لهم من دروس يتلقَّونها، ويُوسُفُ بعمله هذا مسخَّر للقدر العدل من الله العدل.
كما أنَّه لو فعل ذلك لأمكن ألَّا يعودوا إليه ثانية، وأن يخفوا ما سمعوا عن أبيه وأخيه، أو أنَّه خشي منهم الإساءة له أو لأخيه.
ففي تدبير يُوسُفَ وحبكه لحضور أبيه وأخيه دلالة ذكاء عظيم وتدبير رائع.