للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ} أي فلمَّا أعطوْه المواثيق والعُهُودَ المؤكَّدة بالأيمان أنَّهم سيردُّون أخاهم إلَّا أن يُحاطَ بهم، {قَالَ} يعقوب ـ - عليه السلام - ـ: {اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)} أي شهيد عليَّ وعليكم.

وهكذا نجحوا في أخذه كما أخذوا يُوسُفَ مِنْ قبل، لكنَّ نيَّتهم في هذه المرَّة صالحة، وقلوبهم سليمة.

مَعْرِفَةُ الوقْف والابتِداء

معرفة الوقف والابتداء والقطع والاستئناف علم نبيل يُؤْمَنُ به من الوقوع في الخطأ الجليل، فعلى المسلم أن يتعلَّم ما ينبغي أن يُوقَفَ عنده لمعرفة المعاني على مراد الله تعالى، ومن شواهد ذلك، قوله: {قَالَ اللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ (٦٦)} فيوقف على {قَالَ} وقفة لطيفة؛ لئلّا يُتَوهَّم أنَّ الفاعل لفظ الجلالة، وإنَّما الفاعل يعقوب ـ - عليه السلام - ـ.

ولذلك فقد أكَّد بعض العلماء الوقف على قوله تعالى: {وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ} والابتداء بقوله: {وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ} حتَّى يتبيَّن الفصل بين الخبرين، فالله تعالى أخبر أنّ امرأة العزيز همَّت، وأخبر أنّ يُوسُفَ لم يهمّ لرؤيته برهان ربّه.

فقراءة الوقف تزيل توهّم أن الخبر واحد.

الحذر لازمٌ بجانب القدر

كان يَعْقُوبُ ـ - عليه السلام - ـ قد سمح بذهاب يُوسُفَ معهم ليرْتَعَ ويَلْعَبَ دونَ شرطٍ أو قيدٍ، ولا عَهْدٍ ولا ميثاق، فرأى مغبَّة وخطورة ذلك، ولذلك احتاط وتحفَّظ في أمر شقيقه؛ لئلا يكون أسِيْرَ الحسْرَة والنَّدامة، وحبيس التَّلهُّف والأسى، ومع هذا

<<  <   >  >>