{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (١)} [الفرقان] والصَّلاة والسَّلام على من كان خلقه القرآن ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ، وعلى آله وأصحابه الكرام، وبعد:
فإنَّ القرآنَ أعظمُ المعجزات، وقصصه من أعظم معجزاته، وقصَّة يُوسُفَ أروع هذه القصص، وأبدع ما عرفت الدُّنيا من قصص، فلا جَرَمَ، يقول ربُّنا ـ تبارك وتعالى ـ في مطلعها وفاتحتها: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ ... (٣)} [يوسف] ووصْف الأحسنيَّة ليس مقتصراً على هذه القصَّة بطبيعة الحال، ولكنَّ حظَّها من الأحسنيَّة حظٌّ أوفى.
وقد جَذَبَتْ هذه القصَّةُ أقلاماً كثيرة لتكتُبَ عنها، وأنظاراً كثيرة تستجلي حسنَها وبهاءَها، وقد كَتَبْتُ منذ أكثر من ربع قرنٍ كتاباً جَاوزَ ستمائة صفحة، وما وفَّيتها حقَّها.
وقد أطلعني الأستاذ أحمد على مخطوطة كتابه (غرر البيان من سورة يُوسُفَ ـ - عليه السلام - ـ في القرآن)، وهو كِتَابٌ وجيز لطيف، فيه من رياض التَّفاسير مقتطفاتٌ، ومن بحارها غُرُفَاتٌ، ومن فِكْرِ صاحب الكتاب نَظَرَاتٌ.
وقد تصفَّحت الكتابَ، فوجدت حِرْصاً عند صاحبه وإخلاصاً على تخليصه من الإسرائيليّات، وهذا بحدّ ذاته مَطْلبٌ عزيز عَزَّ من اعتنى به، فنحن في وقت كَثُرَ الاغترافُ من عين الإسرائليَّات الحمئة، وقلَّ من يترفَّع عن لوثاتها.