إثباتُ نبوَّة سيِّدنا محمَّد ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ
لسائل أن يسأل: ما الحكمة من ذِكْرِ القَصَصِ في القرآن الكريم؟!
الجواب: الحكمة من ذكر قَصَصِ الأنبياء في القرآن الكريم تبْدُو واضحة في قوله تعالى: {وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠)} [هود].
وكذلك أراد الله تعالى بذكر القصص القرآني أن يثبت للبشريَّة أجمع أنَّ هذا النَّبِيَّ الأميَّ الَّذي لم يكن يقرأ ولا يكتب {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ ... (٤٨)} [العنكبوت]، والَّذي لم يدخل مدرسة ولا جامعة، ولم يجالس فيلسوفاً ولا مؤرِّخاً ولا قاصّاً ولا راوياً نبيٌّ حقّاً وصدقاً.
فبعد قصَّة استوعبت السُّورة كُلَّها إلَّا قليلاً، قال تعالى:{ذَلِكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ} أي ذلك القصص وأمثاله من أخبار الغيوب السَّابقة نوحيه إليك يا محمَّد ليكون دليلاً على نبوَّتك وصدق بعثتك ورسالتك، إذ ما كُنْتَ عِنْدَ يَعْقُوب حاضِراً يوم {قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَاأَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا}.
{وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ} أي وما كنت لدى إخوة يُوسُفَ حاضراً {إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ} على إلقاء يوسف في غيابةِ الجبِّ {وَهُمْ يَمْكُرُونَ (١٠٢)} به الدوائر، فإذا لم تكن لديهم إذاً فَمَن الَّذي عَلَّمَكَ قصَّة يُوسُفَ كلَّها إلَّا الله تعالى، القائل في محكم تنزيله: {وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ